يقول فيها:
من ذاقَ طعم شرابِ القوم يدريهِ ومن دراه غدا بالروح يشريهِ وقطرةٌ منه تكفي الخلقَ لو طعموا فيشطَحونَ على الأكوان بالتيه وذو الصبابة لو يسقى على عددِ الأن فاسِ والكون كأساً ليس يرويهِ يروى ويظمأ لا ينفكّ شاربُهُ يصحو ويسكرُ والمحبوب يسقيهِ في ريّه ظمأ والصحوُ يسكِرُهُ والوجدُ يظهرُهُ طوراً ويخفيهِ يبدو لهُ السرّ من آفاقِ وجهَتهِ وليسَ إلّا لهُ منه تبدّيهِ له الشهادةُ غيبٌ والغيوبُ لهُ شهادةٌ والفناءُ المحض يبقيهِ له لدى الجمع فرقٌ يستضىءُ بهِ كالجمع في فرقهِ ما زالَ يُلقيهِ يدنو ويعلو ويرنو وهو مصطلمٌ في الحالَتَينِ بتمييزٍ وتوليهِ لهُ الوجوداتُ أضحت طوعَ قدرتهِ وما يشاءُ من الأطوار يأتيهِ للقومِ سرٌ مع المحبوب ليس لهُ حدٌّ وليس سوى المحبوب يحصيهِ به تصرُّفُهُم في الكائنات فما يشاء شاؤوا وما شاؤهُ يقضيه إن كنتَ تعجب من هذا فلا عجبٌ للّه في الكون أسرارٌ ترى فيه لا شَيء في الكَونِ إلا وَهوَ ذو أَثَر فَما المؤثرُ غَيرَ اللَهِ قاضِيه ليس التضادُدُ منّاعاً لقدرتهِ من حيث قدرتهُ يأتى تعاليه وإنّما من وجوه الحادثات لهُ تمانُعٌ في محلّ ذاك يحويه وللفقيرِ وجوهٌ ليس يحصرُها عدّ وكلّ وجود فهو واديه لو كنتَ تدري وجود العبد كنتَ ترى فيه الكمالَ كما النقصان تنفيهِ والعبد هذا هو الحرّ الذي حصلَت له الخلافة جلّ اللّه معطيه أوصافُهُ ظهرت من وصف مبدعهِ وكلّهُ مظهَرٌ يبدى تجلّيه عبدٌ عليه سمات العز لائحةٌ وخلعةُ العز والتحكيم عاليه إن كنتَ تقصد أن تحظى بصحبتهِ فاسلُك على سننٍ طابت مساعيه أخلص ودادك صدقاً في محبّتهِ وألزم ثرى بابه واعكف بناديه واستغرق العمر في آداب صحبتهِ وحصّل الدر والياقوت من فيه وابذل قواك وبادر في أوامرهِ إلى الوفاقِ وبالغ في مراضيه واحذر بجهدك أن تأتى ولو خطأ مالا يحبّ وباعد عن مناهيه وكُن محبّ محبّيه وناصِرَهُم والزَم عداوةَ من أضحى يعاديهِ وأنزلِ الشيخ في أعلى منازله واجعله قبلة تعظيمٍ وتنزيه ولست تفعل هذا إن ظننت به نقصاُ ولا خللاً فيما يعانيهِ واترك مرادك واستسلم له أبداً وكن كميت مخلّى في أياديه أعدم وجودك لا تشهد له أثراً ودعهُ يهدمه طوراً ويبنيه ولا ترى أبدا عنه غنى فمتى رأيت عنه غنى تخشى تناسيه إنّ اعتقادك إن لم تأت غايتهُ فيه فيوشك أن تخفى مباديه وغاية الأمر فيه أن تراهُ على نهجِ الكمالِ وأنّ اللّه هاديهِ والمرء إن يعتقد شيئا وليس كما يظُنُّهُ لم يخب فاللّهُ يعطيه وليسَ ينفعُ قطب الوقتِ ذا خلَلٍ في الاعتقاد ولا من لا يواليهِ إلا إذا سبقَت للعبد سابقَةٌ يعودُ من بعد هذا مِن مواليهِ ونظرةٌ منه إن صحّت إليه على سبيلَ ودّ بإذن اللَه تغنيه كم من مريد قضى ما نال بغيتهُ حُقّ القضاء عليه في تقاضيه وكم من مريدٍ دنا من بعد عزمَتهِ يهوى به الحظّ في أهوى مهاويهِ وما المريدُ الذي صحّت إرادتهُ إلّا مرادٌ لهُ جذبٌ يوافيهِ والجذبُ إن كان من بعد السلوك له فضلٌ على الجذبِ مما السعيُ تاليهِ لولا العنايةُ والتخصيص قد سبَقا في دعوةِ العبد ما قامت دعاويه إنّ المريدَ مرادٌ والمحِبُّ هو ال محبوبُ فاستملِ هذا من أماليهِ إن كان يرضاكَ عبدا أنت تعبدهُ وإن دعاك مع التمكين تأتيه ويفتحُ البابَ إكراما على عجلٍ ويرفعُ الحجب كشفا عن تدانيه وثمّ تعرف ما قد كنت تجهلُه ممّا عن الحصر قد جلّت معانيه وترتوى من شراب الأنس صافية يا سعد من مات مملوءاً بصافيه وصلّ يا ربّ ما غنّت مطوّقةٌ على النبيِّ صلاةً منك ترضيهِ |