1.الإمام محمد بن عبد الله الخراشي المالكي
اسمه:
هو الإمام الشيخ أبو عبد الله محمد بن جمال الدين عبد
الله بن علي الخراشي المالكي، أول أئمة الجامع الأزهر.
مكان الميلاد والإقامة والوفاة:
ولد الشيخ سنة 1010هـ = 1601م، أقام بالقاهرة، وتوفي
ودُفن فيها سنة 1101 هـ = 1690م.
نسبته:
وسمي بالخراشي نسبة إلى قريته التي ولد بها، قرية أبو
خراش، التابعة لمركز شبراخيت، بمحافظة البحيرة.
وضبطه بعضهم باسم (الخَراشي) بفتح الخاء، وبعضهم
بكسرها، ولكن الأصح أنها
بالفتح، قال الزبيدي في تاج العروس:
شيخ مشايخنا أبو عبد الله الخراشي من
قرية أبي خَراش كسحاب(1).
نشأته ومراحل تعليمه:
لم ينل الشيخ الخراشي شهرته الواسعة هذه إلا بعد أن
تقدمت به السِّن، ولذلك لم يذكر أحد من المؤرخين شيئًا عن نشأته.
تلقى الشيخ تعليمه على يد نخبة من العلماء والأعلام،
مثل والده الشيخ جمال الدين عبد الله بن علي الخراشي الذي غرس فيه حبًّا للعلم
وتطلعًا للمعرفة، كما تلقى العلم على يد الشيخ العلامة إبراهيم اللقاني، وكلاهما
-الشيخ اللقاني ووالده الخراشي- تلقى معارفه وروى عن الشيخ سالم السنهوري عن النجم
الغيطي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر
العسقلاني بسنده عن البخاري.
وتلقى أيضًا العلم على أيدي الشيخ الأجهوري، والشيخ
يوسف الغليشي، والشيخ عبد المعطي البصير، والشيخ ياسين الشامي، وغيرهم من العلماء
والمشايخ الذين رسموا لحياته منهجًا سار على خطواته حتى توفاه الله.
وقد درس الشيخ محمد بن عبد الله الخراشي علوم الأزهر
المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه،
وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب،
والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، ودرس أمهات
الكتب في كل هذه العلوم السالفة الذكر على أيدي شيوخ عظماء
بعلمهم وخلقهم.
وقد ظل الشيخ عشرات السنين يعلم ويتعلم، ويفيد
ويستفيد من العلم والعلماء، وظل يروي طيلة حياته ويُروى عنه، وبات يضيف ويشرح
ويعلق على كل ما يقع بين يديه وتقع عيناه، فأفاد بلسانه وقلمه جمهرة كبيرة من
العلماء الذين كانوا يعتزون به وبالانتماء إليه، والنهل من علمه الغزير، ومعرفته
الواسعة.
تلاميذه ودورهم في رفع شأن الإسلام:
من تلاميذ الشيخ الخراشي: الشيوخ أحمد اللقاني، ومحمد
الزرقاني، وعلي اللقاني، وشمس الدين اللقاني، وداود اللقاني، ومحمد النفراوي
والشيخ أحمد النفراوي، والشبراخيتي، وأحمد الفيومي، وإبراهيم الفيومي، وأحمد
المشرفي، والعلامة عبد الباقي القليني (الذي تولى مشيخة الأزهر وأصبح رابع
المشايخ)، والشيخ علي المجدولي، والشيخ أبو حامد الدمياطي، والعلامة شمس الدين
البصير السكندري، وأبو العباس الديربي صاحب المؤلفات القيمة والعديدة، وتتلمذ على
يديه الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي الذي أصبح شيخًا للأزهر.
وكل هؤلاء المشايخ الذين تتلمذوا على يديه حملوا لواء
العلم والمعرفة من بعده، وكان لهم الدور البارز في رفع شأن الإسلام واللغة
العربية، وكلهم أصبحت لهم مكانتهم المرموقة، وتتلمذ على أيديهم الألوف من طلاب
العلم والمعرفة.
أخلاقه:
كان الشيخ الخراشي -رحمه الله- متواضعًا عفيفًا، واسع
الخلق، كثير الأدب والحياء، كريم النفس، حلو الكلام، يُسَخِّر نفسه لخدمة الناس
وقضاء حاجاتهم بنفسه، واسع الصدر، تعلم على يديه طلاب العلم من شتى بقاع الأرض
يسألونه ويستمعون إليه ويناقشونه دون ضيق منه أو تذمر، رحب الأفق لا يمل ولا يسأم.
قال عنه الشيخ علي الصعيدي العدوي المالكي في حاشيته التي جعلها على شرحه الصغير
لمتن خليل:
هو العلامة الإمام والقدوة الهمام، شيخ المالكية
شرقًا وغربًا، قدوة السالكين عجمًا وعربًا، مربي المريدين، كهف السالكين،
سيدي أبو عبد الله بن علي الخراشي.
انتهت إليه الرياسة في مصر حتى إنه لم يبق بها في آخر
عمره إلا طلبته، وطلبة طلبته، وكان متواضعًا عفيفًا، واسع الخلق، كثير الأدب
والحياء، كريم النفس، جميل المعاشرة، حلو الكلام، كثير الشفاعات عند الأمراء
وغيرهم، مهيب المنظر، دائم الطهارة، كثير الصمت، كثير الصيام والقيام، زاهدًا،
ورعًا، متقشفًا في مأكله وملبسه ومفرشه وأمور حياته، وكان لا يصلي الفجر صيفًا ولا
شتاء إلا بالجامع الأزهر، ويقضي بعض مصالحه من السوق بيده، وكذلك مصلحة بيته في
منزله. ويقول عنه من عاشره:
ما ضبطنا عليه ساعة هو فيها غافل عن مصالح دينه أو
دنياه،
وكان إذا دخل منزله يتعمم بشملة صوف بيضاء، وكان لا
يَملُّ في درسه من سؤال سائل، لازم القراءة لا سيما بعد شيخه البرهان اللقاني،
وأبي الضياء علي الأجهوري. وكان يقسم متن خليل في فقه المالكية إلى نصفين، نصف
يقرؤه بعد الظهر عند المنبر كتلاوة القرآن، ويقرأ نصفه الثاني في اليوم التالي،
وكان له في منزله خلوة يتعبد فيها، وكانت الهدايا والنذور تأتيه من أقصى بلاد
المغرب،
وغيرها من سائر البلاد، فلا يمس منها شيئًا، بل كان
يعطيها لمعارفه والمقربين منه يتصرفون فيها.
منزلته:
لقد ذاع صيته، وطارت شهرته وسمت مكانته -رحمه الله-
بين العامة والخاصة، فكان الحكام يقبلون شفاعته، وكان الطلبة يقبلون على دروسه
وينهلون من معارفه الفياضة التي لا تنضب، وكان العامة يفدون إليه لينالوا من كرمه
ويهتدون بعلمه وخلقه. قال عنه الجبرتي:
هو الإمام العلامة والحبر الفهامة، شيخ الإسلام
والمسلمين ووارث علوم سيد المرسلين،
وقد ذاعت شهرته أيضًا في البلاد الإسلامية حتى بلغت
بلاد المغرب وأواسط أفريقيا حتى نيجيريا، وبلاد الشام
والجزيرة العربية واليمن، وقد مكَّن الشيخ من بلوغ
هذه الشهرة انتشار طلابه وكثرتهم في أقطار عديدة، واشتهاره بالعلم والتقوى.
وقال عنه المرادي في سلك الدرر: الإمام الفقيه ذو
العلوم الوهبية والأخلاق المرضية، المتفق على فضله، وولايته، وحسن سيرته.
واشتهر في أقطار الأرض كبلاد المغرب، والشام،
والحجاز، والروم، واليمن، وكان يعير من كتبه، ومن خزانة الوقف بيده لكل طالب،
إيثارًا لوجه الله.
مؤلفاته:
كان الشيخ واسع العلم متنوع الثقافة، وخاصة في تفسير
القرآن الكريم، وفي الفقه على مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، لذا ترك مكتبة
عربية وإسلامية ثرية بمؤلفاته التي امتلأت باللآلئ والجواهر، قلما
يوجد لها مثيل، ومن كتبه:
1-
رسالة في البسملة، وهو شرح لهذه الآية الكريمة.
2-
الشرح الكبير على متن خليل، في فقه المالكية، في
ثمانية مجلدات.
3-
الشرح الصغير لمختصر خليل على متن خليل أيضًا، في
أربعة مجلدات.
4-
منتهى الرغبة في حل ألفاظ النخبة، وهو شرح لكتاب نخبة
الفكر للعلامة ابن حجر العسقلاني، في مصطلح الحديث.
5-
الفرائد السنية في حل ألفاظ السنوسية في التوحيد.
6-
الأنوار القدسية في الفرائد الخراشية، وهو شرح
للعقيدة السنوسية الصغرى، المسماة (أم البراهين).
7-
حاشية على شرح الشيخ على إيساغوجي في المنطق، وهو من
أشهر كتب المنطق.
ولايته للمشيخة:
تكاد الروايات تجمع على أن الشيخ الخراشي -رحمه الله-
أول من تولى منصب شيخ الأزهر، وجميعها تذكر أنه نال هذا المنصب عن جدارة
واستحقاق، فقد ولي الشيخ -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1090هـ = 1679م، وكان عمره
وقتذاك
حوالي ثمانين عامًا، واستمر في المشيخة حتى توفاه
الله تعالى.
وفاته:
وافاه أجله المحتوم -رحمه الله- صبيحة يوم الأحد
السابع والعشرين من شهر ذي الحجة سنة (1101هـ = 1690م) عن عمر يناهز التسعين عامًا.
دفن الشيخ الخراشي -رحمه الله- مع والده بوسط قرافة
المجاورين، وقبره معروف، تاركًا للأزهر ما يقرب من عشرين مؤلفًا، ما زالت من أهم
المراجع للعلماء.
مصادر ترجمته:
- الأزهر، تاريخه وتطوره، علي عبد العظيم، وآخرون ص 283.
- الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي.
- الأعلام للزركلي 6/240، 241.
- سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 4/62.
- شيوخ الأزهر، أشرف فوزي صالح، ص(5 - 9).
- صفوة ما انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، محمد
الأفراني، ص205.
- عجائب الآثار في التراجم والأخبار، للجبرتي 1/166.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، الشيخ سليمان رصد
الزياتي.
- مقدمة حاشية الصعيدي على شرح الخراشي لمتن خليل.
---------------------
(1) ينظر تاج العروس مادة (خ ر ش).
2. الإمام إبراهيم بن محمد البرماوي
الشيخ العلامة الإمام: إبراهيم بن محمد بن شهاب الدين
بن خالد، برهان الدين البرماوي، الأزهري، الشافعي، الأنصاري، الأحمدي، شيخ الجامع
الأزهر(1).
مكان الميلاد:
ولد في قرية (بِرْما)، التابعة لمركز طنطا، بمحافظة
الغربية.
نسبته:
يظهر من اسمه أنه من منسوب إلى بلده (بِرمة) -بكسر
الباء- من أعمال محافظة الغربية.
نشأته ومراحل تعليمه:
نزح الشيخ -رحمه الله- إلى القاهرة، والتحق بالأزهر
الشريف، وتعلم على أيدي علمائه الذين أفادوه، ودرس الشيخ علوم الأزهر المقررة على
الطلبة في زمنه -كعلوم الشريعة الإسلامية واللغة العربية وما يتصل بهما. وتلقى
الشيخ البرماوي -رحمه الله- تعليمه على أيدي كبار العلماء كالشمس الشوبري،
والمزاحي، والبابلي، والشبراملسي (تلميذ الشيخ الخراشي)- وهم من كبار العلماء في
عصره، رحمهم الله جميعًا. ولكنه لازم دروس الشيخ أبي العباس شهاب الدين أحمد بن
أحمد بن سلامة القليوبي(2)، والشيخ القليوبي كان واسع الثقافة، غزير العلم، كان
يتهافت على دروسه طلبة العلم للانتفاع بمصنفاته وتوجيهاته، والاستفادة من علمه،
وقد احتفى الشيخ القليوبي بالشيخ البرماوي لما رآه من نبوغه، مما جعل الشيخ
البرماوي يتصدى للتدريس والجلوس مكان الشيخ القليوبي، رحمهما الله.
تلاميذه:
درَّس الشيخ البرماوي -رحمه الله- لكثير من الطلبة
الذين أصبحوا بعد ذلك من جهابذة العلماء، مثل العلامة العجلوني، والشيخ علي بن
المرحومي، ومن ألمعهم الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي الذي وُلِّيَ منصب شيخ الجامع
الأزهر، وكان ترتيبه السادس فيمن تولوا المشيخة.
منزلته:
كان الشيخ البرماوي -رحمه الله- حجة في فقه الشافعية،
وكان واسع الثقافة، غزير العلم، تهافت الطلبة على دروسه للانتفاع بمصنفاته
وتوجيهاته، وللاستفادة من ثقافته المتنوعة.
مؤلفاته:
ترك الشيخ البرماوي -رحمه الله- عدة مصنفات في
الحديث، وفقه الشافعية، والفرائض، والمواريث والتصوف، منها:
1-
حاشية على شرح الشيخ يحيى القرافي لمنظومة ابن فرح
الإشبيلي، في علم مصطلح الحديث.
2-
حاشية على شرح ابن قاسم (الغزي)، في الفقه الشافعي.
3-
رسالة في أحكام القول من مغلظ كلب وخنزير في الفقه
على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه.
4-
حاشية على شرح السبط (وهو المارديني ت 907هـ) على
الرحبية في الفرائض (المواريث).
5-
الميثاق والعهد فيمن تكلم في المهد.
6-
رسالة في الدلائل الواضحات في إثبات الكرامات،
والتوسل بالأولياء بعد الممات، وهي في التصوف والتوحيد.
ولايته للمشيخة:
وُلِِّي الشيخ البرماوي -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة
(1101 هـ / 1690م)، فهو ثاني من تولى مشيخة الأزهر الشريف، وهذا مثبت من
المصادر التاريخية، إلا أن صاحب كنز الجوهر أغفله، وجعل الشيخ النشرتي هو الشيخ
الثاني للأزهر متابعًا في هذا الجبرتي (2/121)، كما تابعه في هذا صاحب الخطط
التوفيقية (4/31). والواقع: أن الشيخ النشرتي هو الشيخ الثالث للأزهر، وأنه
ولي منصبه سنة 1106هـ، أما الفترة بين وفاة الشيخ الخراشي سنة 1101هـ، وولاية
النشرتي سنة 1106هـ، فقد ولي الأزهر فيها الشيخ الإمام البرماوي، وقد صحح العلامة
السيد أحمد رافع الطهطاوي خطأ الجبرتي ومن تابعه، فقال في كتابه
(القول الإيجابي في ترجمة العلامة شمس الدين
الإنبابي): «الشيخ محمد النشرتي المالكي، ثالث شيوخ الأزهر إلى أن توفي في 28 من
ذي الحجة سنة 1120هـ، وهذا خلافًا لما وقع في موضع من تاريخ الجبرتي... وإن تبعه
في ذلك صاحب الخطط التوفيقية».
وفاته:
توفي الشيخ البرماوي -رحمه الله- سنة 1106هـ / 1695م.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي.
- الأعلام للزركلي 1/67، 68.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار في التراجم والأخيار، للجبرتي.
- القول الإيجابي في ترجمة العلامة شمس الدين الإنبابي،
السيد أحمد رافع الطهطاوي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم.
------------------
(1)
ينظر: عجائب الآثار 1/173.
(2)
ينظر: ترجمته في الأعلام للزركلي 1/92.
3. الإمام محمد النشرتي
هو الإمام العالم السيد محمد النشرتي المالكي، أحد
علماء الأزهر الشريف، ومن أبرز أعلام المذهب المالكي.
نسبته:
ينسب الشيخ النشرتي -رحمه الله- إلى بلده التي وُلِد
فيها (نشرت)، وهي تابعة لمركز قلين، بمحافظة كفر الشيخ، التي كانت تسمى مديرية
الفؤادية.
نشأته ومراحل تعليمه:
انتقل الشيخ من بلدته إلى القاهرة في صباه ليلتحق
بالأزهر، ويتلقى تعليمه على أيدي الشيوخ الأجلاء فيه.
واجتهد في تحصيله للعلم، وتقدم على أقرانه، وصارت له
مكانة مرموقة، وبلغ في التدريس مكانة عظيمة جعلت طلاب العلم يتوافدون على مجلسه من
جميع أنحاء العالم الإسلامي، وظل الشيخ النشرتي يتصدر حلقات الدرس حتى اختير
لمشيخة الجامع الأزهر سنة 1106هـ/1695م، بعد وفاة الشيخ البرماوي.
وقد أقر المؤرخون أن الشيخ النشرتي تزعم علماء
المالكية في عصره، وأنه مع توليه للمشيخة وقيامه لمهامها حرص على أن يبقى مدرسًا،
وألا تنفض حلقته الدراسية.
ولم تصرفه أعماله الإدارية -التي يتطلبها موقعه كشيخ
للأزهر- عن أداء رسالته التربوية التي كرَّس لها جل وقته، وعبأ لها نفسه وعلمه
وأعطاها كل جهده؛ لأنه كان مؤمنًا بأن العلم عبادة.
وكانت للشيخ النشرتي -بإجماع علماء عصره- موهبة فذة
في الشرح والتوضيح والإبانة، مما جذب لحلقات درسه الطلاب من جميع بلاد العالم
الإسلامي... واستمر الإمام النشرتي أربعة عشر عامًا في مشيخة الجامع الأزهر، ولم
تؤثر على حلقات علمه التي انكبَّ عليها طلاب العلم.
تلاميذه:
- الإمام أبو العباس أحمد بن عمر الديربي الشافعي
الأزهري، صاحب المؤلفات الشهيرة والعديدة والمفيدة.
- الإمام الشيخ الصالح عبد الحي زين العابدين.
- الإمام الفقيه الشيخ أحمد بن الحسن الكريمي الخالدي
الشافعي، الشهير بالجوهري.
وظل الشيخ وفيًّا لرسالته مخلصًا في أداء مهمته، لكنه
اكتفى بتدريس الكتب المعروفة في عصره خاصة التي كانت في المذهب المالكي، ولم تكن
للشيخ مؤلفات خاصة به، فقد كان من النوع الذي ينادي بتأليف الرجال وإعداد الجيل،
لا بتأليف الكتب ووضع المصنفات.
واستطاع الشيخ أن يربي ويخرج طائفة من الزعماء
المرموقين، الذين حملوا لواء رسالته من بعده، وأدوها خير أداء، ورفعوا شأن العلم،
وكانوا درع الأمة الواقية في ميادين كثيرة.
قد أثر الشيخ النشرتي في تلاميذه بدرجة كبيرة ظهرت
واتضحت بعد وفاته في تماسكهم واتحادهم، وفرض آرائهم على ولاة الأمر؛ لصالح الدين
والأمة، ومن أبرز مواقف تلاميذ الشيخ النشرتي موقفهم حين أصروا على أن يتولى الشيخ
عبد الباقي القليني -أحد تلاميذ الشيخ النشرتي- مشيخة الأزهر بعد النشرتي، وذلك في
الوقت الذي أصرت فيه مجموعات أخرى لمذهب آخر على أن يتولاها الشيخ النفراوي، ولكن
تلاميذ الشيخ النشرتي استطاعوا -بما تعلموه من أستاذهم- الوصول إلى تحقيق رغبتهم،
وتم لهم ذلك بعد أحداث عصيبة في ملحمة مريرة بين الفريقين.
مؤلفاته:
بعد الرجوع إلى الفهارس العديدة للمكتبات لعلنا نعثر
له على بعض المصنفات، ولكننا لم نظفر بنتيجة، ويظهر أن الشيخ -رحمه الله- اكتفى
بتدريس المصنفات المعروفة، وبخاصة في مذهب المالكية.
ولايته للمشيخة:
تولى الشيخ النشرتي - رحمه الله - مشيخة الأزهر بعد
وفاة الشيخ البرماوي - رحمه الله -، وامتدت ولايته للمشيخة أربعة عشر عامًا، إلى
وفاته سنة 1120هـ.
وفاته:
توفي الشيخ النشرتي -رحمه الله- بعد ظهر يوم الأحد،
الثامن والعشرين من شهر ذي الحجة، عام 1120هـ/1709م، وأخرت جنازته إلى صبيحة يوم
الإثنين، وصلي عليه بالأزهر، وحضر جنازته الصناجقة والأمراء، والأعيان والعامة،
وكان يومًا مشهودًا ومشهدًا حافلا، وهذا يدل على منزلته العظيمة، فقد عرف الشيخ
النشرتي بالصلاح وحسن السيرة ومكانته السامية إلى جانب شهرته العلمية.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد
العظيم.
4.الإمام عبد الباقي القليني
الشيخ الإمام عبد الباقي المالكي القليني.
الميلاد:
ولد بقرية قلين، التابعة لمركز كفر الشيخ، بمديرية
الفؤادية، والتي أصبحت الآن مركز قلين، التابع لمحافظة كفر الشيخ، ولم يرد ذكر
تاريخ مولده لعدم انتظام النواحي الإدارية في ذلك الوقت، وعدم الاهتمام بهذه
الأمور.
نسبته:
نُسِب الشيخ -رحمه الله- إلى قرية (قلين) التي وُلِدَ
ونشأ فيها.
نشأته ومراحل تعليمه:
غادر قريته قاصدًا القاهرة ليلتحق بالجامع الأزهر،
الذي عكف فيه على تحصيل العلم على أيدي علماء عصره الأعلام. وكان الشيخ القليني
ذكيًّا يعي ما يقرأ، ويحفظ ما يفهم، ولذا نبه شأنه، وذاع صيته، وعرف اسمه للقاصي
والداني، وجلس للدرس والتعليم.
شيوخه:
كان الشيخ القليني تلميذًا نجيبًا للعالمين الجليلين:
الشيخ البرماوي، والشيخ النشرتي.
تلاميذه:
من أبرز تلاميذ الشيخ -رحمه الله- الذين ذكرهم
الجبرتي: الإمام العلامة، والعمدة الفهامة، المتفنن المتبحر الشيخ محمد صلاح
البرلسي.
ولم تذكر المراجع الموجودة التي تتناول الشيخ القليني
سوى نتف قليلة عن حياته وتلاميذه، ولكنها تروي عنه أن طلاب العلم قد وفدوا عليه من
كل مكان والتفوا حوله وفي حلقته، وكانوا كثيرين.
وكان الشيخ القليني يعتني بتوجيه طلبته إلى العناية
والاهتمام بالكتب القديمة -كتب التراث- والغوص فيها، والبحث في أمهات الكتب
لاستخراج ما فيها من كنوز ومعارف.
وكان يساعد تلاميذه ويعينهم على فهم ما صعب عليهم
فهمه في تلك الكتب، ويملي عليهم الحواشي لإيضاح الغوامض وتبسيط المعقد الصعب.
أخلاقه:
لقد كان الشيخ محبوبًا من زملائه وتلاميذه، وكبار
علماء عصره، الأمر الذي دفعهم لمناصرته، ودخولهم في معركة دامية لتحقيق توليته
للمشيخة، ذلك بالرغم من أنه كان بعيدًا عن القاهرة آنذاك، ولم يشترك في هذا الصدام
من قريب أو بعيد، وإنما تلاميذه وزملاؤه وإخوانه المقربون هم الذين فعلوا ذلك
ليقينهم أنه الأحق بولاية هذا المنصب الجليل بعلمه وأخلاقه، فكان علمه غزيرًا،
ومعرفته واسعة ثرية.
مؤلفاته:
بعد الرجوع إلى مصادر ترجمة الشيخ -رحمه الله- وفهارس
المكتبات لم نجد له مصنفات، فهو من النوع الذي يهتم بتربية التلاميذ أكثر من
التصنيف.
ولايته للمشيخة:
وُلِِّي الشيخ القليني مشيخة الأزهر عام
1120هـ/1709م، بعد أحداث أليمة وعصيبة عقب وفاة أستاذه الشيخ النشرتي، وظل الشيخ
في ولايته لمشيخة الأزهر إلى أن مات.
وفاته:
لم يتيسر لنا معرفة تاريخ وفاته، ولم يرد ذكر بذلك في
جميع الكتب التي تناولت ترجمته، ولكن تم تعيين المشيخة بعده للشيخ محمد شنن.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
5. الإمام محمد شنن المالكي
ولد عام 1056هـ/1656مـ تقريبًا، وكان مولده بقرية
الجدية التابعة لمركز رشيد بمديرية البحيرة، وهي قرية تقع على الشاطئ الغربي لفرع
رشيد.
نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ الشيخ في قريته، وحفظ فيها القرآن الكريم، ثم قصد
الجامع الأزهر ليتلقى علومه على أيدي علمائه ومشايخه.
جد الشيخ -رحمه الله- في تحصيل العلم، واجتهد في حفظ
ما يمليه عليه مشايخه وعلماؤه فتقدم في العلم، وجلس في صفوف العلماء، وأصبح ذائع
الصيت، وذا ذكر حسن.
وقد اشترك الشيخ شنن في الفتنة التي حدثت بين فريقي
الشيخ القليني والشيخ النفراوي، وكان مؤيدًا للشيخ أحمد النفراوي، فلما تدخل ولاة
الأمر في ذلك صدرت الأوامر بنفيه إلى قريته الجدية، وتحديد إقامة الشيخ النفراوي
في بيته.
منزلته:
كان الشيخ شنن -رحمه الله- واسع الثراء، فيذكر
الجبرتي أنه كان مليئا متمولا أغنى أهل زمانه بين أقرانه ... ترك لابنه ثروة طائلة
فكان بها من صنف الذهب البندقي أربعون، خلاف الجنزولي والطولي، وأنواع الفضة،
والأملاك والضياع، والوظائف، والأطيان... وغير ذلك، وكان له مماليك وعبيد وجوارٍ،
ومن مماليكه أحمد بك شنن الذي أصبح من كبار حكام المماليك وصار صنجقًا، أي: من
كبار ولاة الأقاليم.
ومع ثرائه العريض كان غزير العلم، واسع الاطلاع، من
كبار الفقهاء، عالما جليلا، وفقيهًا مجتهدًا، وعلمًا من أعلام المالكية في زمانه.
ويذكر المؤرخون أن الشيخ شنن -رحمه الله- رغم ثرائه
العريض وأمواله الطائلة كان غزير العلم، واسع الاطلاع، ولم تصرفه أمواله عن تحصيل
العلم ومتابعة تلاميذه والاطلاع الواسع على التراث العلمي المجيد.
وقد أقام الشيخ شنن -رحمه الله- صديقه الشيخ محمد
الجداوي وصيًّا على ابنه موسى، وذلك قبل وفاته، وقام الشيخ الجداوي بحراسة هذه
الثروة على خير وجه، وسلمها إلى موسى ابن الشيخ شنن -رحمه الله- بعد بلوغه سن
الرشد، ولم يمض وقت طويل -كما ذكر الجبرتي- حتى بدد الابن ثروة أبيه جميعها رغم
ضخامتها، ومات بعد كل هذا الثراء مدينًا فقيرًا محتاجًا، لا يملك من ثروته شيئًا.
وكان الشيخ ذا مكانة سامية مرموقة لدى الحكام، وقد
لاحظ أثناء مشيخته أن بعض جدران المسجد قد أصابها تصدع، فعزم على إصلاح ما فسد،
وصعد إلى القلعة حيث يقيم الوالي العثماني علي باشا، وذلك يوم الخميس الموافق 15
من ربيع الأول عام 1232هـ/ 25 يناير عام 1720م، وقابل الشيخُ الوالي، وعرض عليه ما
لاحظه في جدران المسجد، وقال له: المرجو من حضرتكم تكتبوا إلى حضرة مولانا
السلطان، وتعرضوا عليه الأمر؛ لينعم على الجامع الأزهر بالعمارة، فإنه محل العلم
الذي ببقائه بقاء الدولة، وله ولك الثواب من الملك الوهاب.
ولما للشيخ من مكانة سامية أسرع الوالي بتحقيق مطلبه،
ليس هذا فحسب، بل طلب الوالي من كبار المشايخ أن يقدموا مذكرات في هذا الشأن لترفع
إلى السلطان، وأراد بذلك أن يدعم أقوال الشيخ شنن في هذا الشأن، ويضفي عليها
المزيد من الأهمية لما للشيخ من احترام وهيبة لدى العلماء وولاة الأمر.
واشترك الوالي، وكبار الأمراء والمماليك في وضع
أختامهم على هذه المذكرات، وعرض الأمر على السلطان أحمد الثالث (1703م - 1730م)،
واستجاب إلى طلب علماء الأزهر، وأوفد بعثة إلى مصر تحمل رده بالموافقة على طلب
علماء الأزهر، وترميم ما تصدع من بناية الجامع الأزهر، واعتمد خمسين كيسًا
ديوانيًّا من أموال الخزانة للإنفاق على ذلك الإصلاح.
مؤلفاته:
اكتفى الشيخ شنن -رحمه الله- بتدريس المؤلفات
المعروفة في عصره، ولم تكن له مصنفات خاصة به، أو لم نعرف عن مصنفاته شيئًا، إذ
أغفلت المصادر التي ترجمت له ذكر شيء عن كتبه وتلاميذه، وعلى أيدي مَنْ مِنَ
العلماء تلقى دروسه.
توفي الشيخ النفراوي أثناء مشيخة الشيخ القليني
للجامع الأزهر، الأمر الذي دعا علماء الأزهر للإجماع على تولية الشيخ محمد شنن
لمشيخة الأزهر؛ لأن ثلاثتهم (الشيخ النفراوي، والشيخ القليني، والشيخ شنن) كانوا
الأقطاب الثلاثة في ذلك العصر، وجميعهم على المذهب المالكي، الذي كانت المشيخة لا
تخرج إلا منه غالبًا.
وفاته:
ظل الشيخ محمد شنن شيخًا للأزهر يشرف عليه، ويواصل
البحث والتدريس حتى توفاه الله، وقد ناهز السبعين من عمره عام 1133هـ/1720م.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثيى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان
الحكم العثماني للدكتور
عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد
العظيم.
6. الإمام إبراهيم موسى الفيومي
الإمام المحدث العلامة الشيخ: إبراهيم بن موسى الفيومي
المالكي.
الميلاد والإقامة:
ولد الشيخ الفيومي بمدينة الفيوم عام 1062هـ/1652م،
ونشأ في بلدته حتى مطلع شبابه ثم قصد القاهرة ليلحق بالجامع الأزهر.
نشأته ومراحل تعليمه:
تلقى العلم على أيدي شيوخ عظماء، كان من أبرزهم الشيخ
الخراشي أول شيوخ الجامع الأزهر، ذكر الجبرتي أن الشيخ الفيومي قرأ على الشيخ كتاب
(الرسالة) لأبي عبد الله بن زيد القيرواني وشرحها، مُعيدًا لها.
وكان الشيخ الفيومي كثير القراءة طويل البحث حتى
عُرِفَ بعلمه، وذاعت شهرته وملأت الآفاق.
كان من رجال الحديث المعروفين بعلمهم وسعة اطلاعهم،
فقد أخذ علم الحديث على أيدي علماء أجلاء، كيحيى الشهاوي، وعبد القادر الواطي،
وعبد الرحمن الأجهوري، والشيخ البرماوي أحد مشايخ الجامع الأزهر، والذي ترك بصماته
العلمية على الشيخ الفيومي، والشيخ محمد الشرنبابلي، وغيرهم.
كما أخذ بقية العلوم عن شيوخ أعلام، مثل: الشبراملسي،
والزرقاني، والشهاب أحمد البشبيشي، والشيخ الغرقاوي، وعلي الجزايرلي الحنفي.
تلاميذه:
نهل من علم الشيخ الفيومي -رحمه الله- الكثيرون من
طلبة العلم، وتربوا على يديه، وحملوا مشاعل النور من بعده، منهم: الفقيه الزاهد
الشيخ محمد بن عيسى يوسف الدمياطي الشافعي، حيث درس علي يدي الشيخ الفيومي علوم
المنطق والفلسفة، وتأثر الدمياطي بأستاذه وبمنهجه فألف حاشية على الأخضري في
المنطق، وحاشية ثانية على السنوسية، كما تلقى الدمياطي الفقه المالكي على الشيخ
الفيومي. ومن أبرز تلاميذ الشيخ الفيومي أيضًا الشيخ الصالح
علي الفيومي المالكي، شيخ رواق أهل بلاده، وكان ذا باع طويل في علم الكلام، والشيخ
علي بن أحمد بن مكرم الله الصعيدي العدوي المالكي، علم العلماء، وإمام المحققين،
وعمدة المشايخ في عصره، وله مؤلفات عديدة قيمة، وانتهج أسلوب أستاذه وألف شرحًا
للمقدمة العزية كما ألف حاشية على الأخضري.
أخلاقه:
كان الشيخ الفيومي عالمًا ورعًا، وقف بجوار تلاميذه
وساندهم كما علمهم، وخرج من تحت يديه علماء المالكية الأفذاذ المشهود لهم بالعلم
الواسع، والبحث الغزير إلى جانب التقوى والزهد، وكان أستاذهم مثلا أعلى وقدوة في
كل ما قاموا به ووصلوا إليه. وقد كان التدريس بالأزهر من أولى
اهتمامات الشيخ الفيومي، فكان يوليه عنايته، ويعطيه الجزء الأكبر من وقته وعلمه
ورعايته واهتمامه فكان -بحق- كما أجمع على ذلك علماء عصره، ومن جاءوا بعده -خير
أستاذ لخير تلاميذ، وكانوا خير تلاميذ لخير أستاذ.
منزلته:
احتل الشيخ الفيومي -رحمه الله- مكانة مرموقة بين
أقرانه من علماء عصره؛ لأنه كان متبحرًا في علوم اللغة، وعلوم الحديث، وعلم الصرف.
وكان الشيخ الفيومي -رحمه الله- ذا موهبة فذة في فن
التدريس، وقد ترك بصمات واضحة وآثارًا عميقة في نفوس تلاميذه متأثرًا في ذلك
بأستاذه الشيخ الخراشي الذي أعطاه علمًا غزيرًا، وتجربة كبيرة ثرية.
واختص لنفسه طريقة في الدرس، حيث كان يقف بعد انتهاء
درس الشيخ الخراشي فيلخص ما ألقاه الشيخ على طلبته، فأعطاه ذلك خبرة واسعة ومدارك
رحبة.
مؤلفاته:
ألَّف الشيخ الفيومي -رحمه الله- في علم الصرف شرحًا
قيمًا لكتاب (المقدمة العزية للجماعة الأزهرية في فن الصرف)، وهذه المقدمات كانت
من تأليف أبي الحسن علي بن محمد الشاذلي المالكي، المتوفى سنة 939هـ، وقد قام
بشرحها العديد من العلماء قبل الشيخ الفيومي، ولكن شرحه لها جاء في جزأين كبيرين،
وكان شرحًا مفصلا واضحًا دقيقًا وافيًا، لم يصل إلى مستواه من شرحها قبله، ولم
يدركه من جاء بعده.
ولايته للمشيخة:
تولى الشيخ الفيومي -رحمه الله- مشيخة الأزهر بإجماع
العلماء والشيوخ عام 1133هـ /1720م، وذلك عقب وفاة الشيخ شنن.
وفاته:
توفي الشيخ الفيومي -رحمه الله- عام 1137هـ/1724م،
وهو في سن الخامسة والسبعين، وكان آخر من ولي مشيخة الأزهر من المالكية بعد أن
استمرت فيهم ما يقرب من نصف قرن.
مصادر ترجمته:
- الأعلام للزركلي 1/76.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم.
7. الإمام عبد الله الشبراوي
أبو محمد جمال الدين عبد الله بن محمد بن عامر بن شرف
الدين، الشبراوي، الشافعي.
الميلاد:
ولد سنة 1091هـ، وقيل: سنة 1092هـ/1681م.
نشأته ومراحل تعليمه:
تلمذ الشيخ الشبراوي -رحمه الله- للإمام الخراشي،
الشيخ الأول للأزهر، ونال إجازته(1) وهو دون العاشرة، ومن أساتذته المرموقين
العلامة الأديب الشاعر الشيخ حسن البدري، وكان من الشعراء الممتازين في زمنه، وله
ديوانين من الشعر، وقد روى الجبرتي بعض قصائده، ويظهر أن الشيخ الشبراوي تأثر
بأدبه، كما أنه تلمذ عليه في علم الحديث، وتلقى الفقه عن العلامة الشيخ شهاب الدين
أحمد بن محمد الثحلى الشافعي المكي، ومن شيوخه الممتازين الشيخ خليل بن إبراهيم
اللقاني، والشيخ محمد بن عبد الرازق الزرقاني، والشيخ أحمد النفراوي، والشيخ عبد
الله بن سالم البصري. ومن أعلام شيوخه: الشيخ الإمام
الفقيه الفرضي(2) صالح بن حسن البهوي، كما أخذ عن علامة الفنون: شمس الدين
الشرنبلالي شيخ مشايخ الجامع الأزهر.
تلاميذه:
من تلاميذه النابهين، الإمام الفصيح الشيخ إبراهيم بن
محمد بن عبد السلام الرئيس الزمزمي المكي الشافعي، والوالي عبد الله باشا بن مصطفى
باشا الكوبريلي -أو الكبوري نسبة إلى بلدة كبور- الذي ولاه السلطان محمود خان
الخليفة العثماني ولاية مصر، وكان شاعرًا أديبًا وعالما جليلا، ما كاد يلي منصب
الولاية حتى اتصل بكبار العلماء والأدباء والشعراء في مصر، وتلقى عنهم معارفه
واستجازهم في الرواية عنهم. ومنهم الشيخ أحمد بن عيسى العماوي
المالكي، وقرأ عليه صحيح البخاري، ومسلم، والموطأ، وسنن أبي داود، وابن ماجه،
والنسائي، والترمذي، وغيرها.
أخلاقه:
كان الشيخ الشبراوي -رحمه الله- كريم النفس، واسع
الأفق، رحب الصدر، يدافع عن أولياء الله من العلماء والصالحين، حكيمًا في تصرفه،
ويتجلى تسامحه في موقفه من المسيحيين، فيذكر الجبرتي أن نصارى الأقباط قصدوا الحج
إلى بيت المقدس، وكان كبيرهم إذ ذاك (نوروز) كاتب رضوان كتخدا، فكلم الشيخ عبد
الله الشبراوي في ذلك، فكتب له فتوى وجوابًا ملخصه أن أهل الذمة لا يمنعون من
دياناتهم وزياراتهم(3)، فهلل الأقباط لهذا وفرحوا به، إلا أن البعض لم تعجبه هذه
الفتاوى وثاروا ضد الشيخ الشبراوي، لكن الشيخ لم يخطئ في الفتوى.
منزلته:
الإمام الشبراوي شخصية فذة، جمعت بين مواهب عديدة،
فهو شاعر ممتاز بالنسبة لعصره، وكاتب مرموق بالنسبة إلى عصره، وهو إلى هذا عالم
فقيه، يمتاز بالتعمق في دراسة الفقه وأصوله، والحديث وعلم الكلام.
وإلى هذا أشار الجبرتي بقوله في ترجمته: «الإمام،
الفقيه، المحدث، الأصولي، المتكلم، الماهر، الشاعر، الأديب»(4)، وقد اجتمعت له
الوراثة الصالحة والبيئة العلمية المناسبة، فنمت مواهبه وأينعت وتفتحت عن أطيب
الثمرات في عصره، أما وراثته فيحدثنا عنها الجبرتي فيذكر أنه «من بيت العلم،
والجلالة، فجده عامر بن شرف الدين ترجمه الأميني في الخلاصة(5) ووصفه بالحفظ
والذكاء»(6).
وقد نال الشيخ الشبراوي -رحمه الله- شهرة عظيمة،
وكانت له مكانة سامية عند الحكام والولاة، ومن يحيط بهم.
قال الجبرتي عنه: «لم يزل يترقى في الأحوال والأطوار
ويفيد ويملي ويدرس حتى صار أعظم الأعاظم، ذا جاه ومنزلة عند رجال الدولة والأمراء
ونفذت كلمته، وقبلت شفاعته، وصار لأهل العلم في مدته رفعة مقام ومهابة عند الخاص
والعام وأقبلت عليه الأمراء وهادوه بأنفس ما عندهم»(7).
وعلى الرغم من هيبته وجلاله وعلو منصبه، فإنه كان
يستجيب لنوازع المشاعر الوجدانية، فيعبر عن هذا في شعر رقيق، ومن أعذب قصائده
الغزلية الرقيقة المشهورة التي استهلها بقوله:
وحقك أنت المنى والطلب
وأنت المراد وأنت الأرب
ولي فيك يا هاجري
صبوة تحير في وصفها كل صب
ولا عجب أن يلهج
العلماء بالشعر الفني الجميل، فقد مدح الشعراء النبي صلى الله عليه وسلم واستهلوا
مدائحهم بالغزل الرقيق العفيف، فقد فعل هذا حسان والأعشى والنابغة الجعدي، وظلوا
ينسجون على هذا المنوال وحسبنا قصيدة البردة.
وكان الشيخ الشبراوي -رحمه الله- يستغل مواهبه
الشعرية في نظم بعض العلوم لتسهيل حفظها على الطلاب بمثل نظمه للآجرومية في علم
النحو.
مؤلفاته:
- مفاتح الألطاف في مدائح الأشراف، وهو ديوان شعر
للمؤلف طبع مرارًا.
- الإتحاف بحب الأشراف، طبع بمصر سنة 1316هـ.
- الاستغاثة الشبراوية.
- عروس الآداب وفرحة الألباب في تقويم الأخلاق، ونصائح
الحكام، وتراجم الشعراء، توجد منها نسخة خطية في ليدن.
- عنوان البيان وبستان الأذهان في الأدب والأخلاق
والوصايا والنصائح، طبع بمصر مرارًا.
- نزهة الأبصار في رقائق الأشعار، منها نسخة خطية بدار
الكتب المصرية.
- شرح الصدر في غزوة بدر، طبع بمصر سنة 1303هـ.
- نظم بحور الشعر وأجزائها، منه نسخة خطية بدار الكتب
المصرية.
- شرح الرسالة الوضعية العضدية في علم الوضع، وهي من
تأليف القاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي، المتوفى سنة 765هـ، وقد شرحها
كثيرون، ومنهم الإمام الشبراوي، وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- العقد الفريد في استنباط العقائد من كلمة التوحيد،
وهي رسالة موجزة في بضع ورقات، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- عنوان البيان ونسيان الأذهان في البلاغة.
- إجازة من الإمام الشبراوي إلى الوزير الوالي عبد الله
بن مصطفى باشا الكوبريلي أجازه فيها بكل ما تلقاه عنه، منها نسخة خطية بدار الكتب
المصرية.
- سند الشبراوي، ذكر فيه مشايخه ومروياته، كتبه في
أواخر رمضان سنة 1142هـ، توجد منه عدة نسخ خطية بدار الكتب المصرية، وبعضها عليه
توقيعه بخطه.
ولايته للمشيخة:
ولي الشيخ الشبراوي -رحمه الله- مشيخة الأزهر عام
1137هـ/1724م، وكان أول من يلي مشيخة الأزهر من مشايخ المذهب الشافعي.
وفاته:
توفي الشيخ الشبراوي رحمه الله في صبيحة يوم الخميس
سادس ذي الحجة ختام سنة 1171 هـ، وصُلِّي عليه بالأزهر في مشهد حافل عن ثمانين سنة
تقريبًا(8)، وجاء في سلك الدرر أن وفاته -رحمه الله- كانت سنة اثنين وسبعين ومائة
وألف، ودفن بتربة المجاورين(9).
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأزهر في ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي 2/342، 343.
- الأعلام للزركلي 4/130.
- دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان
الحكم العثماني للدكتور
عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
- سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، محمد خليل
المرادي، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم.
----------------------
(1) الإجازة معناها: الإذن له برواية ما سمعه منه.
(2) الفرضي: العالم بالفرائض، وهي أنصبة المواريث.
(3) عجائب الآثار 2/239، 240.
(4) عجائب الآثار 2/120.
(5) هو صاحب كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر،
وهو: محمد أمين بن فضل الله المحبي، ت 1111هـ.
(6) عجائب الآثار 2/120.
(7) عجائب الآثار 2/120.
(8) عجائب الآثار للجبرتي.
(9) سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 3/107.
8. الإمام محمد بن سالم الحفني
نجم الدين أبو المكارم محمد بن سالم بن أحمد الحفني
الشافعي الخلوتي، ينتهي نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي -رضي الله عنهما-، من جهة أم
أبيه السيدة: ترك بنت السيد سالم بن محمد.
الميلاد:
ولد الشيخ الحفني 1100هـ/1688م، بقرية حفنا إحدى قرى
مركز بلبيس التابع لمحافظة الشرقية.
نسبته:
انتسب الشيخ إلى قرية (حفنا) التي ولد ونشأ بها. قال
الجبرتي: «والنسبة إليها حفناوي وحفني وحفنوي، وغلبت عليه النسبة حتى صار لا يذكر
إلا بها».
نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ الشيخ بقريته وحفظ بها القرآن الكريم حتى سورة
الشعراء، وأشار الشيخ عبد الرؤوف البشبيشي على أبيه بإرساله إلى الأزهر، واقتنع
أبوه بذلك، وأرسله إلى الأزهر وهو في سن الرابعة عشرة، فأتم فيه حفظ القرآن
الكريم، ثم اشتغل بحفظ المتون، فحفظ ألفية ابن مالك في النحو، والسلم في المنطق،
والجوهرة في التوحيد، والرحبية في الفرائض، ومتن أبي شجاع في فقه الشافعية، وغير
ذلك من المتون.
وأقبل على تحصيل وحفظ دروسه واجتهد في ذلك، وأفاد من
شيوخه وتبحر في النحو، والفقه، والمنطق، والحديث، والأصول، وعلم الكلام، وبرع في
العروض، وظهرت مواهبه الشعرية بالفصحى والعامية، كما برع في كتابة النثر طبقًا
لأسلوب عصره، ومهر في العلم، وحاز على ثقة شيوخه، فمنحوه إجازة بالإفتاء والتدريس،
فدرس بمدرسة السنانية والوراقين، ثم بالمدرسة الطيبرسية التي أنشأها الأمير علاء
الدين طيبرس الخازندار عام 709هـ.
ومن أشهر مشايخه الذين أجازوه العلامة: محمد البديري
الدمياطي، الشهير بابن الميت الذي أخذ عنه التفسير والحديث، وإحياء علوم الدين
للإمام الغزالي، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والنسائي، وابن ماجه،
والموطأ، ومسند الشافعي، والمعاجم الثلاثة للطبراني الكبير والأوسط والصغير، وصحيح
ابن حبان، والمستدرك للنيسابوري، وحلية الأولياء لأبي نعيم.
ومن شيوخه أيضًا: الشيخ محمد الديربي، والشيخ عبد
الرؤوف البشبيشي، والشيخ أحمد الملوي، والشيخ محمد السجاعي، والشيخ يوسف الملوي،
والشيخ عبده الديوي، والشيخ محمد الصغير، والشيخ محمد بن عبد الله السجلماسي،
والشيخ عيد بن علي النمرسي، والشيخ مصطفى بن أحمد العزيزي، والشيخ محمد بن إبراهيم
الزيادي، والشيخ علي بن مصطفى السيواسي الحفني (الضرير)، والشيخ عبد الله الشبراوي
(أحد شيوخ الأزهر) والشيخ أحمد الجوهري، والشيخ محمد بن محمد البليدي.
تلاميذه:
كان للشيخ الحفني -رحمه الله- طلاب يفدون عليه من كل
جانب، فقد جلس الشيخ للتدريس وهو صغير السن، وشهد له علماء عصره بالتقدم والرسوخ.
وقد درَّس لطلبته المصادر العميقة كالأشموني في النحو
والصرف، وجمع الجوامع في أصول الفقه للسبكي، ومختصر السعد في البلاغة بعلومها
الثلاث المعاني والبيان والبديع، والمنهج في الفقه الشافعي، واشتغل بعلم العروض
حتى برع فيه، ذلك بالإضافة إلى الكتب الأخرى في الفقه، والمنطق، والأصول، والحديث،
والتوحيد، كل ذلك ولم يكن قد تجاوز الثانية والعشرين من عمره.
ومن تلاميذه أخوه يوسف الحفني، والشيخ إسماعيل
الغنيمي، والشيخ علي الصعيدي العدوي، والشيخ محمد الغبلاني، والشيخ محمد الزهار.
ومن تلاميذه ومريديه في الطريقة الخلوتية:
الشيخ محمد السمنودي، والشيخ حسن الشبيني، والشيخ حسن
السنهوري، والشيخ محمد الزعيري، والشيخ خضر رسلان، والشيخ محمود الكردي، والشيخ
علي القناوي، والشيخ محمد الرشيدي، والشيخ يوسف الرشيدي، والشيخ محمد الشهير
بالسقا، والشيخ محمد الفشني، والشيخ عبد الكريم المسيري، والشيخ أحمد العدوي، والشيخ
أحمد الصقلي المغربي، والشيخ سليمان النبزاوي الأنصاري، والشيخ إسماعيل اليمني،
والشيخ حسن المكي.
أخلاقه:
كان الشيخ الحفني -رحمه الله- كريم الطبع، جميل
السجايا، مهيب الجانب، متواضعًا، له صدقات ظاهرة وخفية، وأقبلت عليه الدنيا
بخيرها، وذاق حلاوة الغنى بعد إملاق وشظف عيش، وضيق حال، فلم تبطره الثروة، وبذلها
لمن يريدها، وكان آية في المروءة والسخاء.
منزلته:
قال عنه الجبرتي في عجائب الآثار: هو الإمام العلامة
الهمام أوحد أهل زمانه علمًا وعملا، ومن أدرك ما لم تدركه الأوائل، المشهود له
بالكمال والتحقيق، والمجمع على تقدمه في كل فريق، شمس الملة والدين محمد بن سالم
الحفناوي الشافعي الخلوتي.
شهد له أساتذته بالعلم والفضل، وزاده كرمه مكانة في
النفوس ومحبة في القلوب، وقد بدأ حياته فقيرًا، فكان ينسخ المتون ويبيعها
لطالبيها؛ ليساعده ذلك على العيش الكريم، ثم فرَّج الله كربه، وأقبلت عليه الدنيا،
فترك النسخ إلى التعليم والتأليف، ولم يذله الفقر رغم ما كان فيه من ضيق اليد،
وكان أديبًا شاعرًا وناثرًا، له مقطوعات شعرية وأزجال، ورسائل نثرية، غير أن شهرته
العلمية طغت على شهرته الأدبية.
وقد تسابق العلماء في عصره إلى استجازته وإلى الكتابة
عنه، فقد ألف العلامة الشيخ حسن المكي، المعروف بشمة كتابًا في نسبه ومناقبه، وألف
الشيخ محمد الدمنهوري المعروف بالهلباوي كتابًا في مناقب الشيخ ومدائحه.
ومما قيل في مدحه:
العالم اللسن الذي أوصافه*** بعبيرها تغني عن الروض الندي
ومن ارتدى برد المحامد يافعًا*** وتلفع الحسنى بأزكى محتد
وسما على الأعلام من أهل الهدى*** بمآثر غر وحسن تودد
ولكم له في كل علم غامض سِفرٌ ***تناهى في الكمال المفرد
أدب على النقاد دار حديثه ***متناسقًا كاللؤلؤ المتنضد
مؤلفاته:
ترك الإمام الحفني عددًا من المصنفات العلمية
والأدبية منها:
- حاشية على شرح الأشموني لألفية ابن مالك في النحو.
- حاشية على شرح الهمزية لابن حجر الهيتمي.
- حاشية على الجامع الصغير للسيوطي في الحديث في جزأين.
- حاشية على شرح الحفيد على مختصر جده السعد التفتازاني
في البلاغة.
- مختصر شرح منظومة المنيني الدمشقي في مصطلح الحديث.
- الثمرة البهية في أسماء الصحابة البدرية في التاريخ.
- حاشية على شرح المارديني للياسمينية في الجبر
والمقابلة.
- رسالة في فضل التسبيح والتحميد في الفضائل والآداب.
- شرح المسألة الملفقة في تحليل المطلقة ثلاثًا.
- رسالة في التقليد في فروع أصول الفقه.
- درر التنوير برؤية البشير النذير (وهي رسالة في
الأحاديث المتعلقة برؤية النبي صلى الله عليه وسلم).
- إجازة إلى أحمد ومحمد ولدي الشيخ أحمد الجوهري
الكريمي (بخط المجيز) بدار الكتب المصرية.
- إجازة إلى إسماعيل بن أحمد بن عمر بن صالح الحنفي
الطرابلسي (بخط المجيز) بدار الكتب المصرية.
- إجازة عثمان أفندي، شيخ الطريقة العقيلية، بخط الشيخ
الحفني (نسخة بالمكتبة التيمورية).
- إجازة إلى محمد أفندي بن الحاج عبد الرحيم، بتاريخ 6
من ذي الحجة سنة 1176هـ.
- إجازة إلى محمد بن عربي المشاط المدني (بخط المجيز)
بدار الكتب المصرية.
- إجازة إلى محمد الأمير (بخط المجيز) بدار الكتب
المصرية.
- إجازة إلى الشيخ منصور بن مصطفى الحلبي.
- إجازة إلى يوسف بن محمد النابلسي (بخط المجيز) بدار
الكتب المصرية.
- ثبت الحفني الكبير، ذكر فيه الشيخ الإمام مشايخه.
- سند الحفني الكبير، أورد فيه سنده لبعض الأحاديث
والأوراد.
- مختصر ثبت الدمياطي الشهير بابن الميت، ذكر فيها
الشيخ الحفني أسانيد شيخه الدمياطي.
ولايته للمشيخة:
اختير الشيخ الحفني -رحمه الله- لمنصب شيخ الجامع
الأزهر بعد وفاة الشيخ الشبراوي عام 1171هـ/1757م.
وفاته:
توفي الشيخ محمد بن سالم بن أحمد الحفني، يوم السبت
الموافق 27 من ربيع الأول عام 1181هـ/1767م، عن عمر يناهز الثمانين عامًا، ودفن في
اليوم التالي بعد الصلاة عليه في الجامع الأزهر في مشهد حافل وعظيم.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان
الحكم العثماني للدكتور
عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم.
9. الإمام عبد الرؤوف بن محمد السجيني
اسمه:
عبد الرؤوف بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد السجيني
الشافعي الأزهري.
وكنيته (أبو الجود).
الميلاد:
ولد ببلدة (سجين) بمحافظة الغربية، سنة 1154هـ(1).
نسبته:
نُسِبَ إلى بلدته (سجين).
نشأته ومراحل تعليمه:
حفظ القرآن الكريم، ولزم عمه (الشيخ السجيني) وكان من
العلماء، كما كان والده أيضًا، رغم أن عمَّه هذا كان كفيف البصر إلا أنه كان من
كبار العلماء، فقد كان فقيهًا نحويًّا أصوليًّا شافعيًّا.
ويظهر أنه سليل أسرة اشتهرت بالعلم، فقد ذكر الجبرتي
في حديثه عن الشيخ السيواسي أن العلامة الشيخ محمد السجيني والد الإمام كان إذا
مَرَّ بحلقة درسه خفض من مشيته ووقف قليلا وأنصت لحسن تقريره، ثم يقول: سبحان الفتاح
العليم(2).
ووصف هذا الشيخ والد الإمام بأنه: الأستاذ العلامة
شيخ المشايخ محمد السجيني الشافعي الضرير، وأنه توفي سنة 1158هـ، ثم ذكر أنه تلقى
العلم عن الشيخ مطاوع السجيني وغيره، وأنه كان إمامًا عظيمًا وفقيهًا نحويًّا
أصوليًّا منطقيًّا، أخذ عنه الكثيرون، وذكر في وفيات سنة 1179هـ اسم العمدة
العلامة والحبر الفهامة قدوة المتصدرين، ونخبة المتفهمين، النبيه المتفنن، الشيخ
محمد بن إبراهيم بن يوسف الهيثمي الشافعي، الشهير بأبي الإرشاد... وذكر أنه تفقه
على الشيخ عبد الله السجيني، وأنه تولَّى مشيخة رواق الشراقوة بالأزهر بعد وفاة
خاله الشيخ عبد الرؤوف(3)، ولعل الشيخ محمد السجيني الذي ذكره الجبرتي أولا هو
والد الشيخ الإمام؛ لأنه كان يمر على دروس الشيخ السيواسي ويظهر إعجابه به، والشيخ
السيواسي توفي سنة 1148هـ مع أن الشيخ محمد السجيني الأخير ولد سنة 1154هـ كما ذكر
الجبرتي(4).
ومهما يكن من شيء فإن الإمام السجيني كان من أسرة
اشتهرت بالعلم، وكان أستاذه الأكبر عمه الشيخ الشمس السجيني، وأنه لازم عمه حتى
تخرج على يديه، وأنه خلفه في دراسة المنهج، ولعله (منهج الطلاب للأنصاري) فقد كان
من الكتب المقررة الهامة في مذهب الشافعي بالأزهر(5).
أخلاقه:
كان الشيخ السجيني -رحمه الله- من المعروفين بالعلم
والتقوى، والحكمة، وحسن تدبير الأمور.
منزلته:
كان الشيخ السجيني -رحمه الله- ذا مكانة عالية، وقد
اشتهر ذكره قبل ولايته لمشيخة الأزهر بسبب حادثة وقعت في ذلك الحين، ذكرها الجبرتي
في تاريخه، وخلاصتها أن أحد التجار بخان الخليلي تشاجر مع خادم فضربه الخادم
وفَرَّ من أمامه فتبعه هو وآخرون من التجار، فدخل إلى بيت الشيخ السجيني لائذًا
به، فاقتحم التجار البيت وضربه التاجر برصاصة أخطأته وأصابت شخصًا من أقارب الشيخ
السجيني -رحمه الله- إصابة قاتلة فهرب الضارب، وطلبه الشيخ وأقاربه فامتنع عليهم،
وتعصب له أهل خطته وأبناء جنسه، فاهتمَّ الشيخ السجيني -رحمه الله- بالأمر، وجمع
المشايخ والقاضي، وحضر بهم جماعة من أمراء الوجاقلية، وانضمَّ إليهم الكثير من
العامة، وثارت فتنة غلَّق الناس فيها الأسواق والحوانيت، واعتصم أهل خان الخليلي
بدائرتهم وأحاط بهم الناس من كل جهة، وحضر أهل بولاق، وأهل مصر القديمة، وحدث صدام
قتل فيه من الفريقين عدة أشخاص، واستمرَّ الحال على ذلك أسبوعًا... ثم اجتمع ذوو
الرأي بالمحكمة الكبرى، وانتهى الأمر بالصلح(6).
وتدل هذه الحادثة على أن للشيخ منزلة مرموقة، وأنه
غضب لغضبه مشايخ الأزهر، وجمهرة الشعب، حتى حضروا لنجدته من أطراف القاهرة، من حي
بولاق ومصر القديمة، ومن المعروف أن الأمن لم يك مستتبًا في ذلك العصر.
ولعل للشيخ من كنيته (أبي الجود) نصيب، ونحن نعلم أن
الشعب كان يجل العلماء ويلوذ بهم في الأزمات ويلبي نداءهم في الشدائد.
مؤلفاته:
لم نعثر فيما رجعنا إليه من مصادر وفهارس على مؤلفات
له، ولعله آثر أن يقتدي بآثار السابقين، وأن يكون قدوة عملية لطلابه في السلوك
والتدريس.
ولايته للمشيخة:
تولى الشيخ السجيني -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة
1181هـ، عقب وفاة الشيخ الحفني، ولكنه انتقل إلى رحمة ربه في العام التالي.
كان الشيخ قبل ولايته لمشيخة الأزهر، تولَّى مشيخة
رواق الشراقوة بالأزهر، وظل شيخًا له حتى بعد ولايته لمشيخة الأزهر، فلما مات خلفه
فيه ابن أخته الشيخ محمد بن إبراهيم بن يوسف الهيتمي السجيني(7).
وفاته:
توفي في الرابع عشر من شهر شوال سنة 1182هـ، وصُلِّي
عليه بالجامع الأزهر، ودفن بجوار عمه الشمس السجيني بأعلى البستان.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثيى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم.
-----------------------
(1) الأزهر خلال ألف عام 2/346.
(2) عجائب الآثار2/26.
(3) عجائب الآثار 3/268.
(4) عجائب الآثار 3/268.
(5) الأزهر تاريخه وتطوره ص 287.
(6) عجائب الآثار 2/303.
(7) عجائب الآثار 3/268.
10.
الإمام أحمد بن عبد المنعم بن صيام
الدمنهوري
اسمه:
أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدمنهوري.
الميلاد:
ولد بمدينة دمنهور (وهي عاصمة محافظة البحيرة الآن)
سنة 1101هـ.
نسبته:
نسب إلى مدينة دمنهور التي وُلِدَ بها.
نشأته ومراحل تعليمه:
كان الإمام الدمنهوري -رحمه الله- يتيمًا، وقدم
القاهرة وهو صغير السن، فالتحق بالجامع الأزهر واشتغل بالعلم، وجدَّ في تحصيله،
واجتهد في تكميله وأجازه علماء المذاهب الأربعة حتى عرف بالمذهبي، وكانت معرفته
بالمذاهب الأربعة أكثر من أهلها قراءة وفهمًا ودراية.
قال عنه الجبرتي: «قدم الأزهر وهو صغير يتيم لم يكفله
أحد، فاشتغل بالعلم، وجال في تحصيله، واجتهد في تكميله، وأجازه علماء المذاهب
الأربعة، وكانت له حافظة ومعرفة في فنون غريبة وتآليف، وأفتى على المذاهب
الأربعة...»(1).
وقد عُرِفَ الإمام الدمنهوري بقوة حفظه، وكانت له
معارف في فنون غريبة، كما كانت له معارف عظيمة في سائر العلوم والفنون العربية
والدينية، وغيرها كالكيمياء، والطب، والفلك، والحساب، والطبيعة، والعلوم الرياضية،
وعلم الإحياء، وعلوم الفلسفة، والمنطق.
ويتحدث الشيخ بنفسه في ترجمة له عن حياته، فيقول:
(أخذت عن أستاذنا الشيخ علي الزعتري خاتمة العارفين بعلم الحساب واستخراج
المجهولات وما توقف عليها كالفرائض والميقات، وأخذت عنه وسيلة ابن الهائم ومعونته
في الحساب، والمقنع لابن الهائم، ومنظومة الياسميني في الجبر والمقابلة والمنحرفات
للسبط المارديني في وضع المزاول، وأخذت عن سيدي أحمد القرافي الحكيم بدار الشفاء
-بالقراءة عليه- كتاب الموجز واللمحة العفيفة في أسباب الأمراض وعلامتها، وبعضًا
من قانون ابن سينا، وبعضًا من كامل الصناعة، وبعضًا من منظومة ابن سينا الكبرى،
والجميع في الطب...
أخلاقه:
كان الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- كريمًا جوادًا في
ماله يبذله لكل قاصد، وكان من عادته الجلوس للتدريس بمسجد الإمام الحسين بن علي
رضي الله عنهما في شهر رمضان، وكان معروفًا بين تلاميذه وزملائه من العلماء أن لا
يضع علمه في غير موضعه، ولذلك اتهمه البعض بالبخل في بذل العلم على الرغم من عطائه
الوافر، ومصنفاته الكثيرة والمتنوعة، وربما كان السبب الرئيسي في هذه التهمة أن
الشيخ الدمنهوري كان لا يضع علمه في غير أهله، ولذا فقد كان ينتقي من يتعلم على
يديه.
منزلته:
كان الإمام الدمنهوري -رحمه الله- وحده أُمَّة في
العلم والفضل ورِفْعة المقام، ولما زار الإمام -رحمه الله- مكة المكرمة حاجًّا سنة
1177هـ، استُقبل أعظم الاستقبال، فأتى حاكم مكة وعلماؤها لاستقباله، فكان
الاستقبال كريمًا يليق بمكانة الإمام الدمنهوري وشخصه، وحين عودته من الحج إلى
مصر، استقبله الناس بنفس الحفاوة التي لقيها في مكة المكرمة، ومدحه الشيخ عبد الله
الإدكاوي بقصيدة يهنئه فيها بالعودة، فقال:
لقد سرنا وطاب الوقت وانشرحت **صدورنا حيث صح العود للوطن
فأنت أمجدنا، وأنت أرشدنا** وأنت أحمدنا في السرِّ والعلن
وأجلَّه (علي بك الكبير)، وكان يجلس إلى دروسه، وكان
الإمام الدمنهوري -رحمه الله - مهيبًا لدى أمراء المماليك، فلما نشبت الفتنة بين
زعماء المماليك وأتباعهم من طائفتي (العلوية والمحمدية) فرَّ (حسن بك الجداوي) من
زعماء العلوية أمام مطارديه، فلجأ لبيت الشيخ الدمنهوري، فلم يقدر أحد على اقتحام
بيته حتى أجاره (إبراهيم بك).
وكان لا يعود من دَرْسه إلا في وقت متأخرٍ من الليل،
ويحرص على صلاة الفجر، وتحدَّى علماءَ عصره بما كان يطْرَحُ من أسئلة معجزة، ثم
يقوم بالإجابة عنها، مما جعل (علي بك الكبير) يتخذه أستاذًا ويستشيره في كثير من
أمور الدولة.
مؤلفاته:
- كشف اللثام عن مخدرات الأفهام في البسملة والحمدلة.
- حلية اللب المصون في شرح الجوهر المكنون (في البلاغة).
- اللطائف النورية في المنح الدمنهورية، وهو سند ذكر
فيه ما أخذه عن مشايخه وما درسه واستفاده بجهوده الخاصة، أو ما أخذه رواية ودراسة،
ومنه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف، وهو شرح لأربع
أبيات من ألفية العراقي في مصطلح الحديث، ومنه نسخ في دار الكتب المصرية.
- درة التوحيد (منظومة في علم التوحيد).
- القول المفيد في شرح درة التوحيد، وهو شرح لمنظومته
السابق ذكرها.
- الزايرجة، وهو شرح لكتاب (كشف الران عن وجه البيان)
لمحيي الدين بن عربي، في التصوف.
- شرح الأوفاق العددية (وهو بحث في استنباط آفاق المستقبل
عن طريق الأعداد)، ومنه نسخة خطية في دار الكتب المصرية.
- شفاء الظمآن بسر (يس قلب القرآن)، وهو شرح لمنظومة
تتعلق بسورة يس، ذكرها أحمد بن ساعد في كتابه المسمى (روض العلوم).
- عقد الفرائد بما للمثلث من الفوائد، رتبه على مقدمة
وثلاثة أبواب وخاتمة، في فضل العلم ومزدوجاته، توجد منه نسختان بدار الكتب.
- كيفية العمل بالزيارج العددية، مخطوط بدار الكتب
المصرية.
- منتهى الإرادات في تحقيق الاستعارات- في البلاغة.
- سبيل الرشاد إلى نفع العباد- في الأخلاق.
- الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني - في فقه
الحنابلة.
- رسالة عين الحياة في استنباط المياه - في الجيولوجيا.
- القول الصريح في علم التشريح - في الطب.
- منهج السلوك في نصيحة الملوك - في السياسة والأخلاق.
- الدرة اليتيمة في الصنعة الكريمة - في الكيمياء.
- إيضاح المبهم من متن السلم، وهو شرح على متن السلم في
المنطق.
- الحذاقة بأنواع العلاقة، ذكره الجبرتي ولم يعين الفن
الذي تناوله.
- حسن التعبير لما للطيبة من التكبير في القراءات العشر.
- تنوير المقلتين بضياء أوجه الوجوه بين السورتين.
- طريق الاهتداء بأحكام الإمامة والاقتداء على مذهب أبي
حنيفة النعمان.
- إحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد - في الحساب.
- الدقائق الألمعية على الرسالة الوضعية العضدية للإيجي
- في علم الوضع.
- منع الأثيم الحائر على التمادي في فعل الكبائر -
أخلاق دينية.
- الأنوار الساطعات على أشرف المربعات - في الهندسة.
- حلية الأبرار فيما في اسم (علي) من الأسرار - تصوف.
- خلاصة الكلام على وقف حمزة وهشام - قراءات.
- إقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة -
فتوى فقهية.
- فيض المنان بالضروري من مذهب النعمان.
- إتحاف البرية بمعرفة العلوم الضرورية.
- بلوغ الأرب في سيد سلاطين العرب.
- تحفة الملوك في علم التوحيد والسلوك (منظومة في مائة
بيت).
ولايته للمشيخة:
تولَّى الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة
1182هـ، بعد وفاة الشيخ السجيني.
وفاته:
توفي الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- يوم الأحد 11 من
رجب عام 1192هـ الموافق 4 أغسطس سنة 1778م، في منزله ببولاق، فخرج بمشهد حافل
مهيب، وصُلِّي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بالبساتين.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 1/164.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 1/58.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي، ص (130- 132).
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم.
------------------
(1) عجائب الآثار 3/169، 170.
11. الإمام أحمد بن موسى العروسي
اسمه:
أحمد بن موسى بن داود أبو الصلاح العروسي.
الميلاد:
ولد بقرية (منية عروس) التابعة لمركز أشمون، بمحافظة
المنوفية، سنة 1133هـ/ 1720م.
نسبته:
وينسب الشيخ العروسي إلى قريته (منية عروس) التي ولد
ونشأ فيها.
نشأته ومراحل تعليمه:
ظل الشيخ العروسي -رحمه الله- في قريته صدرًا من
شبابه، حفظ القرآن الكريم، ودرس العلوم الدينية واللغوية، كما درس العلوم
الرياضية، والفلك، والمنطق، وأخذ الطريقة الصوفية عن السيد مصطفى البكري، ولازمه،
وتلقَّن منه الذِّكر.
ثم وفد إلى الأزهر، وتلقى العلوم على كبار شيوخه،
فسمع البخاري من الشيخ أحمد الملوي بمسجد سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه، ودرس
تفسير الجلالين والبيضاوي على يد الشيخ عبد الله الشبراوي، ثم سمع من الشيخ الحفني
البخاري وشرحه للقسطلاني مرة ثانية. ومختصر ابن أبي جمرة، والشمائل النبوية
للترمذي، وشرح ابن حجر للأربعين النووية، والجامع للسيوطي.
كما تفقه وتعلم على الشيخ النبراوي، والشيخ العزيزي،
والشيخ علي قايتباي الأطفيحي، والشيخ حسن المدباغي، والشيخ سابق، والشيخ عيسى
البراوي، والشيخ عطية الأجهوري.
كما تلقى سائر العلوم على يد الشيخ علي بن أحمد
الصعيدي، ولازمه سنوات عديدة، وكان مُعِيدًا له(1)، يُلَخِّصُ دروسه ويوضح ما غمض
منها، وأفادوا منه كثيرًا.
وسمع من الشيخ ابن الطيب، والشيخ يوسف الحفني، والشيخ
إبراهيم الحلبي، والشيخ إبراهيم بن محمد الدلجي.
كما لازم الشيخ حسن الجبرتي -والد المؤرخ الكبير
الشيخ عبد الرحمن الجبرتي- وقرأ عليه في الرياضيات، والجبر، والمقابلة، وكتاب
الرقائق للسبط، وكفاية القنوع والهداية، وقاضي زاده، وغيرها
.
ثم اتصل بالعلامة الشيخ أحمد العريان، الذي أحبه
واعتنى به، وزوجه إحدى بناته، وبشَّره بالسيادة، وبأنه سيصبح شيخًا للجامع الأزهر،
وتحققت هذه البشارة بعد وفاته.
وجدَّ الشيخ العروسي في تحصيل العلم حتى احتلَّ
الصدارة بين علماء عصره، وصار من كبار علماء الشافعية في وقته.
أخلاقه:
كان الشيخ العروسي -رحمه الله- معروفًا بالإقدام
والجرأة على الأمراء والحكام خاصة فيما يتصل بأمور الناس والصالح العام، وكان مع
ذلك رقيق الطبع، هادئًا، مهذبًا، لطيفًا، متواضعًا، كثير الرفق بالناس، وكان
قوَّالا للحق مُلتزمًا به، وأصبحت له منزلة عظيمة بعلمه وتسامحه وتقواه، وكان
كثيرًا ما يتدخل لتصفية الخلافات بين المتنازعين، وكان الأمراء يستشيرونه
ويستفتونه في أمورهم، وكان لا يتردد في نصيحتهم، ولومهم أحيانًا.
قال الجبرتي في وصفه: «رقيق الطباع، مليح الأوضاع،
لطيفًا مهذبًا، إذا تحدَّث نفث الدر، وإذا الفتنة اشتعلت لقيت من لطفه ما ينعش
ويسر»(2).
وقد كان يعطف على الطلبة، لدرجة جعلت الجبرتي يقول:
ولم تزل كؤوس فضله مجلوة حتى ورد موارد الموات.
منزلته:
كانت عائلة الشيخ العروسي -رحمه الله- ذات شهرة
واسعة، ونفوذ قوي، ومكانة رفيعة، وكان رجالها من أهل الحلِّ والعقد في البلاد.
وقد تبوأ الإمام العروسي -رحمه الله- منزلة سامية
بعلمه وصلاحه وتقواه وتسامحه وانتصاره للحق، كانت شفاعته مقبولة لدى الحكام، وكان
كثيرًا ما يتدخل لتصفية ما ينشب بينهم من نزاع، فقد توسط في الصلح مع بعض العلماء
بين الأميرين إبراهيم بك، ومراد بك، وكان الأمراء يستشيرونه ويستفتونه في
المُلِمَّات
.
ومما يدل على حب الناس له أنه لما أراد (إبراهيم بك)
أن يولي (الشيخ عبد الرحمن العريشي) مشيخة الأزهر ثار العلماء واعتصموا بمسجد
الإمام الشافعي، والتف حولهم الناس، وطالبوا أن يكون الشيخ العروسي -رحمه الله- هو
شيخ الأزهر، فنزل على رغبتهم، ولما عاد (الشيخ محمد المصيلحي الشافعي) من الحجاز
أغراه أعوانه أن يطلب المشيخة لنفسه، فهو أحق بها، وسايرهم واقتحم المدرسة
الصلاحية ودرَّس بها -وكانت وقفًا على شيخ الأزهر- فثار عليه العلماء، ولكن الشيخ
العروسي هدَّأَ من ثورتهم، وترك الشيخ المصيلحي يدرس بها احترامًا لعلمه، ومنعًا
للفتنة.
كان الشيخ العروسي قوالا للحق، لا يحب الجدال العقيم،
وكانت شفاعته مقبولة لدى الحكام، وكان الأمراء يستشيرونه ويستفتونه في مسائلهم،
ورفض أن تأتي جنود من خارج مصر لحفظ الأمن، وبيَّن للوالي (إسماعيل بك) خطر ذلك،
فعمل بنصيحته وطالب بزيادة أرزاق الجند المصريين فقاموا بواجبهم، ولما طغى (أحمد
أغا) الوالي على أهل الحسينية لجأ إليه الناس، فقام معهم وأقنع (إسماعيل بك) بعزله
اتقاء للفتنة فعزله.
وللشيخ الإمام مواقف مشهودة ضد الأمراء في الدفاع عن
الشعب، كان يجابههم فيها بقوة وحزم، دون أن يخشى في الله لومة لائم.
ولما اشتد الغلاء وضج الناس بالشكوى، ذهب إلى (الوالي
حسن باشا) واتفق معه على وضع (تسعيرة للخبز واللحم والسمن) وخرج المحتسب ليعلن في
الأسواق السياسة التموينية الجديدة، ويهدد من يخرج عليها، فزالت الغمة.
مؤلفاته:
قال الجبرتي عن الإمام العروسي «لم يشتغل بالتأليف
إلا قليلا لاشتغاله بالتدريس»(3).
- شرح نظم التنوير في إسقاط التدبير للشيخ الملوي (في
التصوف).
- حاشية على الملوي على السمرقندية (في البلاغة).
ولايته للمشيخة:
تولى مشيخة الأزهر الشريف بعد وفاة الشيخ الإمام
الدمنهوري - رحمه الله – سنة 1192هـ وظل شيخا للأزهر حتى وفاته.
وفاته:
وقد لقي الشيخ الإمام العروسي -رحمه الله- ربَّه في
الحادي والعشرين من شهر شعبان، سنة 1218هـ، ودفن بمدفن صهره الصوفي الورع الشيخ
العريان.
مصادر ترجمته:
الأزهر خلال ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي 2/349-
351.
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 1/262.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم.
---------------------
(1) وهو عمل المعيد بالنسبة للأستاذ الآن في الجامعة.
(2) عجائب الآثار 4/247.
(3) عجائب الآثار 4/247.
12. الإمام عبد الله الشرقاوي
اسمه:
عبد الله بن حجازي بن إبراهيم الشرقاوي.
الميلاد:
ولد الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- في قرية
الطويلة، من ضواحي بلبيس، بالقرب من قرية القرين في محافظة الشرقية سنة 1150هـ.
نسبته:
نسب إلى الشرقية.
نشأته ومراحل تعليمه:
حفظ في طفولته القرآن الكريم في (القرين) حيث نشأ
بها، وتطلع إلى المعرفة فشد رحاله إلى الجامع الأزهر حيث درس على كثير من أعلام
علمائه، مثل: الشهاب الملوي، والشهاب الجوهري، والعلامة الشيخ علي الصعيدي، والشيخ
الإمام الحفني، والشيخ الإمام الدمنهوري.
ومال بفطرته الطبيعية إلى التصوف، فتلقن مبادئ
الطريقة الخلوتية على الإمام الشيخ الحفني، ثم اتصل بالصوفي الشهير العارف بالله
الشيخ محمود الكردي ولازمه، فرباه وأرشده، وقطع به مدارج الطريق، ولقَّنه أسراره
فأصبح في مقدمة المريدين وطليعتهم.
وقد تقلبت به الأحوال فتجرع مرارة الفقر كما ذاق
حلاوة اليسر، وعاش في ظلال الخمول والنسيان، كما عاش في أضواء الجاه والسلطان،
فاستفاد خبرة وتجربة ضمها إلى ما استفاده من علم وعرفان إلى ما أحرزه من مجاهدة
روحية في مجال السلوك الصوفي، فصقلته التجارب وهذَّبته المعارف، وزكَّته النفحات،
وبهذا نال الصدارة في دنياه، وفاز بالزلفى إلى الله في أخراه.
تلاميذه:
من العلماء الذين تعلموا على يد الإمام الشرقاوي
-رحمه الله- الفقيه النبيه الشيخ حسين بن الكاشف، الذي جذبه الإمام الشرقاوي إليه،
فانخلع من الإمارة والقيادة العسكرية، ولازم الشيخ وتفقَّه على يديه.
ومنهم العلامة الشهير إبراهيم البجيري الذي تخصص عليه
في علم مصطلح الحديث.
ومن ألمعهم العلامة العمدة الشيخ محمد الدواخلي الذي
لازم الشيخ الإمام في فقه مذهبه وغيره من المعقولات ملازمة كلية، وانتسب له، وصار
من أخص تلاميذه.
أخلاقه:
كان الشيخ الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله-
متسامحًا متساهلا، وقد خاض في حياته أحداثًا جسامًا، كان يلقاها بالمرونة والحكمة،
وقد أعانته نزعته الصوفية على الرفق والتؤدة والتسامح، على الرغم مما قاساه من
خصومة وعداء.
منزلته:
كان الشيخ عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- شيخ علماء
الشافعية ومفتيهم في عصره، وتنوع مؤلفاته في العلوم دليل على سعة علمه وفضله في
الفقه والحديث والعقائد، وكما كان للشيخ رأي مسموع في الشؤون الدينية، كان له
أيضًا رأي مسموع في الشؤون السياسية، فقد عاصر الشيخ -رحمه الله- الحملة الفرنسية
على مصر، وقاد الشعب من أجل مقاومتها حينًا، ومن أجل التخفيف من شدة وطأتها على
الشعب حينًا آخر، وطار صيته في كل مكان، وكتب عنه الأوربيون فصولا طوالا، وذهب كل
من كتب عنه مذهبًا يتفق ومدى فهمه للأحداث الجسام التي وقعت في هذه الفترة القصيرة
الحافلة في تاريخ الوطن.
مؤلفاته:
- التحفة البهية في طبقات الشافعية، ضمَّنه تراجم
الشافعية حتى سنة 1212هـ، ورتَّبه على حروف المعجم، وتوجد منه نسخة خطية بدار
الكتب المصرية.
- العقائد المشرقية في علم التوحيد.
- الجواهر السنية في شرح العقائد المشرقية -السابق
ذكره- وتوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- حاشية الشرقاوي على كتاب التحرير، للشيخ زكريا
الأنصاري.
- حاشية على شرح الهدهدي على أم البراهين، المسماة
بالصغرى لأبي عبد الله بن يوسف السنوسي، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- شرح حكم ابن عطاء الله السكندري، منه نسخة خطية بدار
الكتب المصرية.
- ثبت الشرقاوي، ذكر فيه أسانيد شيوخه في التفسير،
والحديث، والفقه، وفي الأحزاب والأوراد، توجد منه أربع نسخ خطية بدار الكتب.
- مختصر الشمائل وشرح المختصر، كلاهما من تأليفه.
- رسالة في (لا إله إلا الله).
- رسالة في مسألة أصولية في جمع الجوامع (أصول فقه).
- شرح رسالة عبد الفتاح العادلي في العقائد.
- شرح مختصر في العقائد والفقه والتصوف، مشهور في بلاد
داغستان.
- شرح الحكم والوصايا الكردية في التصوف.
- شرح ورد السَّحر للبكري.
- مختصر مغني اللبيب لابن هشام في النحو والإعراب.
- فتح المبدي شرح مختصر الزبيدي في الحديث، طبعت
منتخبات منه ومن شرح الشيخ الغزي على هامش كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع
الصحيح للبخاري.
- تحفة الناظرين فيمن ولي مصر من الولاة والسلاطين،
مطبوع على هامش كتاب (لطائف الأول فيمن تصرف في مصر من الدول).
من هنا نرى غزارة علوم الإمام عبد الله الشرقاوي
-رحمه الله- وتنوعها.
ولايته للمشيخة:
لما مات الشيخ أحمد العروسي شيخ الأزهر عام 1208هـ،
تولَّى الإمام الشرقاوي مشيخة الأزهر بعده، وكان من المرشحين معه لتولِّي هذا
المنصب العلمي والديني الجليل الشيخ مصطفى العروسي، لكنها آلت إلى الشيخ الشرقاوي،
وأسندت له، وتولاها وهو موضع ثقة الجميع.
وفاته:
لقي الشيخ الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- ربه
يوم الخميس، الثاني من شوال سنة 1127هـ، وذكر الجبرتي أنه لما مات الشيخ الشرقاوي
صلى عليه بالأزهر جمع كثير، ودُفِنَ في مدفنه الذي بناه لنفسه، فقد كان الشيخ
الإمام عبد الله الشرقاوي -رحمه الله- ناظرًا على وقف وقفته السيدة الخاتون (خوند
طغاي الناصرية) بالصحراء للصوفية والقراء، وكان الفرنسيون دمَّروه، فأنشأ الشيخ به
مسجدًا وبنى لنفسه إلى جواره قبرًا وعقد عليه قبة، وجعل تحتها مقصورة بداخلها
تابوت عالٍ مربع وبنى بجانبه قصرًا ملاصقًا له(1).
وإن الباشا -الوالي- أصدر فرمانًا بعمل مولد سنوي له،
واحتفى الناس بهذا المولد، وأقاموا الموائد ومدوا الأسمطة، وحضره جمع كبير من
الفقهاء والمشايخ والأعيان.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأزهر خلال ألف عام، للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي
2/322-324.
- الأعلام للزركلي 4/78.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد
العظيم 1/155-186.
----------------------
(1) عجائب الآثار 7/194.
13. الإمام محمد الشنواني
اسمه:
محمد بن علي بن منصور الشنواني الشافعي.
الميلاد والنِّسْبَة:
ولد الشيخ محمد الشنواني -رحمه الله- في قرية شنوان
الغرف، محافظة المنوفية، وإليها نُسِبَ(1).
نشأته ومراحل تعليمه:
تتلمذ على كثيرين من أعلام عصره، وهم المشايخ: فارس،
والصعيدي، والدردير، والفرماوي، وتفقَّه على الشيخ عيسى البراوي، ولازم دروسه وقرأ
على يديه، وقد أجازه الشيخ بعد أن أعطاه جُلَّ ما عنده، واطمأن لعلمه؛ لأن الشيخ
الشنواني -رحمه الله- كان ذكيًّا فطنًا جيد الحفظ، فأولاه أستاذه عنايته، واختصه
بنفسه لاجتهاده وأدبه.
أخلاقه:
عُرِفَ الشيخ -رحمه الله- بالسماحة، وشدة الحياء،
والتواضع، ومن تواضعه أنه كان لا يحب التزاحم على المظاهر الدنيوية، فلم ينافس
غيره في التدريس بالأزهر وإنما قنع بإلقاء دروسه بالجامع المعروف بالفكهاني
بالعقادين، بالقرب من داره في (خوشقدم) فأقبل عليه الطلبة، وانتفعوا بآرائه
وتوجيهاته، كما انتفعوا بأخلاقه وآدابه.
ويحدثنا الجبرتي عن أخلاقه، فيقول: «كان مهذب النفس
مع التواضع، والانكسار، والبشاشة لكل أحد من الناس ويشمر ثيابه ويخدم بنفسه ويكنس
الجامع ويسرج القناديل».
منزلته:
كان الشيخ الشنواني -رحمه الله- مع تواضعه وزهده
وعزوفه عن الاتصال بالحكَّام لا يتردد في إبداء النصيحة لهم، وفي الشفاعة عندهم،
وكان الشيخ -رحمه الله- من قادة الشعب، وشارك -رحمه الله- في مقاومة الحملة
الفرنسية، وقد حاول الوالي أن يستولي على كل أراضي الدولة وأن يتخذ العلماء مطية
حيث أفهمهم أنه سيترك أراضيهم لهم يزرعونها بمعرفتهم ويستغلونها، فتصدَّى له
الإمام الشنواني وطالبه بالإفراج عن الأوقاف المحبوسة للطلبة فوافقه، ثم طالبه
بإلغاء أمر الاستيلاء على بقية الأراضي فرفض.
ويحدثنا الجبرتي عن منزلته العلمية، فيقول عنه: «شيخ
الإسلام، وعمدة الأنام، الفقيه العلامة، والنحرير الفهامة... من أهل الطبقة
الثانية، الفقيه، النحوي، المعقولي»(2).
مؤلفاته:
- حاشية على شرح الجوهرة (جوهرة التوحيد)، وهي منظومة
في علم التوحيد، نظمها الشيخ إبراهيم اللقاني، وشرحها ابنه الشيخ عبد السلام في
كتابه (إرشاد المريد).
- الجواهر السنية بمولد خير البرية، وهي تقييدات جمعها
المؤلف من بعض كتب مشايخه وغيرهم على مولد المدابغي، توجد منه نسخة خطية بدار
الكتب المصرية.
- حاشية الشنواني على مختصر البخاري لابن أبي جمرة،
توجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- ثبت الشنواني (إجازة أجاز بها تلميذه المبلط)، قال
فيها: «لازمني مدة مديدة، وسنين عديدة حضورًا وسماعًا وبحثًا... حتى غزر علمه...
ثم التمس مني الإجازة وكتابة السند، فأجبته بذلك بشرط ألا يترك الإفادة»، توجد منه
نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- حاشية على السمرقندية (في علوم البلاغة).
- حاشية على العضدية (في آداب البحث).
ولايته للمشيخة:
لما توفي الشيخ الشرقاوي -رحمه الله- توجَّهت الأنظار
إلى الشيخ الشنواني، فتغيَّب عن بيته واختفى عن العيون، ولكن الباشا أمر القاضي أن
يجمع المشايخ عنده ويتفقوا على شخص يكون خاليًا من الأغراض، فأرسل القاضي إليهم
فحضرت جمهرتهم، فسأل القاضي: هل بقي أحد لم يحضر؟ فقالوا: لم يتأخر عن الحضور إلا
ابن العروسي والهيثمي، والشنواني، فأرسل إليهم فحضر ابن العروسي، والهيثمي، فقال
القاضي: وأين الشنواني؟ لا بد من حضوره، وأرسل إليه رسولا فذهب إلى بيته وعاد،
فقال: إنه غائب عن داره منذ ثلاثة أيام، وقد ترك لكم رسالة جئت بها إليكم، ففتح
القاضي الرسالة وقرأها جهرًا على جمهرة العلماء وهي: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى
الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، إِنَّنا نزلنا عن المشيخة للشيخ بدوي
الهيثمي، فعند ذلك قام الحاضرون وضجَّ المشايخ، فقال بعضهم: إنه لم تثبت له
المشيخة حتى ينزل عنها لغيره، وقال بعضهم: لا يكون شيخًا إلا من يدرس العلوم في
الأزهر ويفيد الطلبة.
فتدخل القاضي ليُنهِي هذه المعركة، فهدأ من روعهم،
وسألهم القاضي: من الذي ترضونه؟ قالوا: نرضى الشيخ المهدي، ووافق الجميع، وقاموا
وصافحوه وقرأوا الفاتحة، وكتب القاضي بهذا الأمر قرارًا أرسله إلى والي مصر (محمد
علي باشا)، وانفضَّ الجميع، وركب الشيخ المهدي إلى بيته في موكب كبير وحوله وخلفه
المشايخ وطوائف الطلبة، وأقبل الناس على بيته للتهنئة، وانتظر الجميع موافقة
الوالي على هذا القرار.
ولكن محمد علي رفض تعيين الشيخ المهدي؛ لأنه صاحب
تاريخ حافل في الزعامة ورفض الضيم، فمحمد علي لا يقبل شيخًا
يتدخل في شؤون الحكم ويقود العلماء والطلبة في مقاومة
المظالم كما كان كبار مشايخ الأزهر يفعلون، ولهذا اشترط في شيخ الأزهر -كما قلنا-
أن يكون خاليًا عن الأغراض، وهو لم ينس أن مشايخ الأزهر هم الذين عزلوا الوالي
السابق، وهم الذين عينوه، فاضطر الباب العالي إلى النزول إلى مشيئتهم، ومن يملك
العزل والولاية يكون خطرًا على باب دولته التي بدأ في تكوينها.
لذا فقد أرسل محمد علي باشا جنوده في طلب الشيخ
الشنواني، فجدُّوا في البحث عنه حتى عُثِرَ عليه في المكان الذي اختفى فيه بمصر
القديمة، فأخبروه بطلب الوالي له، فذهب معهم.
ثم أرسل محمد علي إلى المشايخ بالحضور إلى مقره
بالقلعة، فلمَّا حضروا وجدوا الوالي وعنده الشيخ الشنواني، فأعلن محمد علي الشيخ
الشنواني شيخًا للجامع الأزهر، ولم يعترض الشيوخ على جعل الشيخ الشنواني شيخًا على
الأزهر.
ثم عاد الشيخ الشنواني إلى بيته في جَمْعٍ كبير وموكب
رسمي عظيم، وكانت دار الشيخ صغيرة متواضعة لا تتسع لهذا الموكب ولوفود المهنئين،
فأنزله السيد المحروقي في دار (بان الزليجي) بحارة خوشقدم، وأرسل إليه الطباخين
والفراشين والأغنام والأرز والحطب والسمن والعسل والسكر والقهوة وأوقف عبيده وخدمه
لخدمة القادمين، وازدحم الناس على الشيخ الشنواني -رحمه الله- مهنئين وأتوا
أفواجًا، وكان ذلك في يوم الثلاثاء، الرابع عشر من شهر شوال سنة 1227هـ = 20 من
أكتوبر سنة 1812م، ولما كان يوم الجمعة ذهب الشيخ الإمام إلى الجامع الأزهر، فصلى
الجمعة، وازدحمت الجماهير عليه مهنئين له(3).
ولم يترك الشيخ -رحمه الله- مكانه في الدرس بعد تولي
المشيخة، وكان متبحِّرًا في علوم اللغة، كما كان مُولعًا بعلم الكلام والرياضيات.
وفاته:
كان الشيخ الإمام الشنواني -رحمه الله- متواضعًا في
حياته وفي شؤون معاشه، وأقبلت عليه الدنيا فلم يهنأ بها، فقد اعترته الأمراض إلى
أن توفي يوم الأربعاء رابع عشر من المحرم سنة 1233هـ = 23 نوفمبر سنة 1817م،
وصُلِّي عليه بالأزهر في مشهد عظيم، ودُفِنَ بتربة المجاورين(4).
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثنى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأزهر خلال ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي 2/355،
356.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 2/21- 24.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي. ص (135- 173).
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم 1/189-193.
----------------------------
(1) عجائب الآثار 7/429، الأعلام للزركلي 6/297.
(2) عجائب الآثار 7/197، ويقصد بقوله المعقولي: أنه درس
علوم المنطق والجدل والفلسفة والميقات والحساب وما إليها من العلوم التي يطلقون
عليها علوم المعقول، أما علوم المنقول فهي: الفقه، والتفسير، والحديث ... وعلوم
اللغة.
(3) عجائب الآثار 7/197، 198.
(4) عجائب الآثار 7/439.
14. الإمام محمد
العروسي
اسمه:
محمد ابن الإمام أحمد بن موسى بن داود العروسي
نشأته ومراحل تعليمه:
تلقى الشيخ محمد العروسي -رحمه الله- العلم على يد
والده، وظهرت نجابته، فلمَّا توفي والده حلَّ محلَّه في التدريس لطلبته، وكان
شغوفًا بالدرس، فكان يواصل التدريس لطلبته من الصباح إلى المساء(1)، ولعل هذا هو
الذي شغله عن التأليف، وكان يمتاز بالمرونة واللباقة.
مؤلفاته:
اشتغل الشيخ العروسي -رحمه الله- بالدرس، فكان يقضي
وقته من الصباح للمساء في التدريس لا يقوم إلا إلى الصلاة، وهذا ما عوَّقه عن
التأليف الذي يحتاج إلى وقت.
ولايته للمشيخة:
تولَّى الشيخ الإمام محمد العروسي -رحمه الله- مشيخة
الأزهر سنة 1233هـ. وهو أول شيخ للأزهر وُلِّيَ أبوه مشيخة الأزهر من قبله، ويفصله
عن مشيخة أبيه شيخان، هما: الشيخ الشرقاوي، والشيخ الشنواني، وكان الشيخ محمد
العروسي -رحمه الله- من المزاحمين للشيخ الشنواني في ولاية المشيخة، لولا أن محمد
علي باشا آثر عليه الشيخ الشنواني لما عرفه عنه من تواضعه وانصرافه عن مظاهر
السلطة، وكان محمد علي باشا قد ضاق بتدخل الشيخ الشرقاوي، وعمر مكرم في شؤون الحكم
دفاعًا عن حقوق الشعب.
ولما مات الشيخ الشنواني انعقد الإجماع على إمامة
الشيخ محمد بن أحمد العروسي؛ لأنه لم يكن له منافس في التطلع إلى المشيخة، فتقلدها
«من غير منازع وبإجماع أهل الوقت، ولبس الخلع من بيوت الأعيان، مثل البكري
والسادات» كما ذكره الجبرتي في تاريخه(2).
وحدثت في عهده فتنة حول أكل ذبائح أهل الكتاب، وهي أن
الشيخ إبراهيم المالكي الشهير بإبراهيم باشا قرأ في درس الفقه (إن ذبائح أهل
الكتاب في حكم الميتة لا يجوز أكلها) وسمع فقهاء الثغر بذلك فأنكروه وناقشوه،
فقال: إني أخذت ذلك عن الشيخ عليًّا الميلي المغربي، وهو عالم جليل ورع، فأرسلوا
إليه فبعث برسالة مفصلة ساق فيها الأسانيد على رأيه، واستند هو أيضًا لرأي الشيخ
الطرطوشي في المنع وعدم الحل، وأمر الوالي بجمع العلماء والنظر في هذه المسألة
الخطيرة.
فأحضر العلماء، وتقدم الشيخ العروسي بلباقته وحسن
تأنيه، فقال: الشيخ علي الميلي رجل من العلماء، تلقى عن مشايخنا ومشايخهم (أي:
مشايخ المغاربة) لا ينكر علمه، وهو منعزل عن خلطة الناس، ولأنه حاد المزاج (يريد
أن يعتذر بهذا عن طعنه في العلماء المعاصرين) والأولى أن نجتمع به ونتذاكر في غير
مجلسكم، وننهي بعد ذلك الأمر إليكم.
فاجتمعوا في اليوم الثاني، وأرسلوا إلى الشيخ علي
لمناظرته فأبى الحضور، وقال: إنه لا يحضر مع الغوغاء، ولكنه يقبل الحضور في مجلس
خاص، يحضره الشيخ حسن القويسني، والشيخ حسن العطار فقط؛ لأن ابن الأمير يشن عليه
الغارة.
فتغير ابن الأمير وأرعد وأبرق، وثار العلماء الحاضرون
وأمروا الأغا بالذهاب إلى بيت الشيخ علي وإحضاره قهرًا عنه، فذهب الأغا إليه فوجده
قد اختفى، فأخرج زوجته وأهله من بيته وأغلقه، وكتب العلماء رسالة إلى الوالي ذكروا
فيها أن الشيخ علي مخالف للحق، وأن إباءه حضور مجلس العلماء، ثم هربه يؤيدان أنه
على الباطل، ولو كان مُحقًّا ما اختفى ولا هرب، وفوضوا إلى الوالي التصرف في شأنه
وشأن الشيخ إبراهيم باشا الإسكندري، فأصدر الباشا قرارًا بنفي الشيخ إبراهيم إلى
بني غازي، أما الشيخ علي فظل مختفيًا.
وفاته:
توفي الشيخ الإمام محمد العروسي -رحمه الله- سنة
1245هـ.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم.
----------------------
(1) الأزهر في اثني عشر عامًا ص42.
(2) ينظر: عجائب الآثار 7/441.
15. الإمام أحمد الدمهوجي
اسمه:
أحمد زين علي بن أحمد الدمهوجي الشافعي
الميلاد والإقامة:
ولد بالقاهرة سنة 1170هـ، وقيل سنة 1176هـ.
كانت داره برقعة القمح، وراء رواق الصعايدة، بجوار
الأزهر، وهناك عطفة تعرف بعطفة الدمهوجي.
نسبته:
يعود نسب الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- إلى قرية
(دمهوج) بمحافظة المنوفية، بالقرب من بنها، وهي القرية التي يرجع إليها أصل عائلته
وإقامتهم فيها قبل انتقالهم إلى القاهرة، لذلك انتسب إليها، برغم أن ولادته كانت
في القاهرة.
نشأته ومراحل تعليمه:
تلقى الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- العلوم الأزهرية على
أيدي علماء الأزهر وشيوخه، وأثبت في تحصيل العلوم درجة عالية، وشغفًا عظيمًا، فقد
كان ذكاؤه باهرًا.
أخلاقه:
كان الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- حسن الصورة، هادئ
الطبع، زاهدًا، منقطعًا للعبادة والتدريس وتحصيل العلم.
منزلته:
جاء في كتاب (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر)
وصفًا للشيخ الدمهوجي، أنه: «الفاضل الجهبذ الهمام، والعاقل العالم الإمام، من
استوى على عرش العلوم، وثوى على مهاد المنطوق منها والمفهوم، فهو الفرد الكامل
المستجمع لفرائد الفضائل، قد حضر دروس علماء عصره، وفاق حتى انفرد في مصره، وشهد
له العموم بأنه بكمال الفضل موسوم، وأذن له شيوخه ذوو المقام المنيف بالتدريس
والإفتاء والتأليف، وانتشر في الأقطار ذكره وسما في الأمصار قدره، ولم تزل سيرته
حسنى إلى أن دعي إلى المحل الأسنى، وذلك في رمضان سنة ألف ومائتين وست وأربعين»(1).
ولم يأخذ الشيخ حقَّهُ من الشُّهْرَةِ والذُّيوع رغم
تلاميذه الكثيرين؛ لانقطاعه للعبادة، وحبه في عدم الظهور وإلقاء الضوء على شخصه.
ولا يعرف عن حياته إلا القليل، ولعل هذا يرجع إلى
زُهده وتواضعه وبُعده عن مظاهر الحياة ومشاغلها، وانقطاعه الكامل للدراسة والتدريس
بالأزهر، فإذا فرغ من دروسه أقبل على الصلاة والعبادة بمسجد الأزهر، وهكذا عاش
-رحمه الله- متفرغًا للتدريس والدراسة والعبادة لله
ولايته للمشيخة:
بعد وفاة الشيخ العروسي -رحمه الله- ظل منصب مشيخة
الأزهر خاليًا إلى أن جاء قرار الوالي -بعد إجماع العلماء- بتكليف الشيخ الدمهوجي
لتحمل أعباء هذا المنصب، وعُيِّن الشيخان المهدي والأمير وكيلين للشيخ الدمهوجي
نظرًا لكبر سنه، واحتياجه لمن يساعده في القيام بمهام هذا المنصب.
وقد تولَّى الشيخ الدمهوجي -رحمه الله- مشيخة الأزهر
فترة قصيرة جدًّا وهي ستة شهور فقط، حتى توفاه الله.
وفاته:
توفي الشيخ الدمهوجي -رحمه الله.- بعد أن بلغ سبعين
سنة، فتوفي ليلة الأضحى سنة 1246هـ = 21 مايو سنة 1831م.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، لعبد الرزاق
البيطار.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم.
----------------------------------
(1) ينظر: حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، لعبد
الرزاق البيطار.
16.الإمام
حسن العطار
اسمه:
حسن بن محمد بن العطار.
الميلاد:
ولد في القاهرة سنة 1182هـ، وهو مغربي الأصل، وقد حدد
تاريخ مولده بنفسه في منظومته النحوية، حيث ذكر أنه ألفها في يومين في شهر ذي
القعدة سنة 1202هـ = 3 أغسطس سنة 1788م، وأن سِنَّه في هذا الحين كانت عشرين
عامًا، وذلك حيث يقول:
وألف في يومين عام الذي له** (غرب)(1) جاء تاريخًا بشهر أحد عشر
ومعذرة يا صاحبي لمؤلف** له عشر أعوام وعشر من العمر
إلا أن بعض المصادر لم تتنبه لهذا النص، وذكر تاريخ
مولده بأنه سنة 1180هـ، وبعضها ذكر أن مولده كان سنة 1190هـ.
نسبته:
كان والد الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله-
عطَّارًا، فنُسِبَ الإمام إلى مهنة أبيه، ولعل والده -رحمه الله- كان يُنْسبُ
إليها أيضًا.
نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ في كنف والده الشيخ محمد كتن، وكان عطَّارًا
فقيرًا مُلِمًّا ببعض العلوم وعلى ثقافة جيِّدة، فكان يستصحب ابنه معه إلى حانوته
ويعلِّمه البيع والشراء ويرسله في قضاء حاجاته، ولكن الإمام الشيخ حسن العطار
-رحمه الله- وهو ما زال طفلا كان حادَّ الذكاء مشغوفًا بالعلم، واسع الآمال، فكانت
تأخذه الغيرة حين يرى أتْرَابه يترددون على الأزهر لحفظ القرآن الكريم وللدراسة،
فكان يتردد خِفْيَة إلى الأزهر لحفظ القرآن الكريم حتى حفظه في مدة يسيرة، وعَلِمَ
أبوه بأمره، فأعانه على التعليم، فالتحق بالأزهر، وجدَّ في التحصيل على كبار
المشايخ أمثال الشيخ الأمير، والشيخ الصبان، وغيرهما من كبار العلماء، فظهر نبوغه
وغزارة علمه وتنوع ثقافته في زمن قصير هيأه لتولي التدريس بالأزهر.
ولم يقنع بالعلوم المألوفة في عصره، بل درس العلوم
الهندسية، والرياضية، والفلكية، وتعمق في دراستها، قال عنه معاصره الشيخ شهاب
الشاعر: «إنه كان آية في حِدَّة النظر وقوة الذكاء، وكان يزورنا ليلا في بعض
الأحيان، فيتناول الكتاب الدقيق الخط الذي تعسر قراءته في وضح النهار، فيقرأ فيه على
ضوء السراج، وربما استعار مني الكتاب في مجلدين فلا يلبث عنده إلا أسبوعًا أو
أسبوعين ويعيده إِلَيَّ وقد استوفى قراءته وكتب في طُرَرِهِ على كثير من مواضعه»(2).
ويحدِّثُنا عنه تلميذه العلامة رفاعة الطهطاوي فيقول:
«كانت له مشاركة في كثير من هذه العلوم -العلوم العصرية- حتى في العلوم الجغرافية،
لقد وجدت بخطه هوامش جليلة على كتاب تقويم البلدان لإسماعيل أبي الفداء سلطان
حماة... وله هوامش أيضًا وجدتها بأكثر التواريخ على طبقات الأطباء وغيرها، وكان
يطلع دائمًا على الكتب المعربة من تواريخ وغيرها، وكان له ولوع شديد بسائر المعارف
البشرية»(3).
وقد حمله شغفه بالمعارف والفنون على التطبيق العملي
للمعارف التي تعلمها نظريًّا، فقد اشتغل بصناعة المزاول الليلية والنهارية، وأتقن
الرصد الفلكي الأسطرلاب، وسجل هذا في مؤلفاته إلى جانب الطب والتشريح، وبهذا تعددت
مواهبه وتنوعت مداركه حتى أصبح شبيهًا بالموسوعات العلمية التي تتناول جميع
الفنون، وقد أعانته على ذلك رحلاته العديدة بالداخل والخارج واتصاله الوثيق بعلماء
الحملة الفرنسية ومشاهدته التجارب العلمية التي باشرها هؤلاء العلماء.
وقد جدَّ الشيخ العطار -رحمه الله- في تحصيل العلم،
ووسع دائرة ثقافته العلمية حتى شملت المنقول والمعقول -كما يقول القدماء- وتصدَّر
للتدريس في سن مبكرة، وبدأت الأنظار تتجه إليه.
ولما داهمت الحملة الفرنسية مصر لم يطق البقاء
بالقاهرة؛ ففر إلى أسيوط حيث وجد الأمن والحرية، وإن كان شوقه إلى القاهرة قد برح
به، وما قاساه في الغُرْبَة قد أحزنه وأفزعه، هذا إلى ما كابده في سبيل كسب رزقه،
وما قاساه من أهوال الطاعون الذي انتشر بأسيوط، فصرع الآلاف وأفزع الباقين.
وقد عبَّر عن هذه الأحداث في مسهبة كتبها إلى صديقه
المؤرخ الجبرتي قال فيها: «تلك شؤون طال بها العهد، وانجرَّ عليها ذيل الحوادث
وامتد، وما كنت أوثر أن يمتد بي الزمن حتى أرى الأسفار تتلاعب بي كالكرة في ميدان
البلدان... حصل لي القهر بخروجي من القاهرة واغبرَّ أخضر أيامي الزاهرة، وقد
ألجأتني خطوب الاغتراب واضطرتني شؤون السفر الذي هو قطعة من العذاب إلى التقلُّب
في قوالب الاكتساب، والتلبُّس بتلبيس الانتساب، وأخفي معالم المجيء والذهاب»(4).
ثم عاد إلى القاهرة بعد أن حصل الأمن، واتصل بناس من
الفرنسيين، فكان يستفيد منهم الفنون المستعملة في بلادهم، ويفيدهم اللغة العربية(5 ).
وبهذا جمع الشيخ الإمام حسن العطار -رحمه الله- بين
الثقافة الغربية والثقافة العربية الإسلامية، واستفاد من خبراته العديدة والأحداث
المثيرة -التي أصابت وحلت بالبلاد- أعظم استفادة، ولا شيء يُكَوِّن الرجال مثل
مقاساة الشدائد واحتمال النكبات ومصارعة الأهوال.
ثم أضاف إلى هذا رحلاته العديدة إلى الخارج، فقد أتقن
اللغة التركية، وألمَّ بالفرنسية، واختلط بكثير من العلماء النابهين من عرب وأتراك
وفرنسيين، فزادت ثروته الثقافية نماء واتِّساعًا وعُمقًا.
أما سبب رحلاته الخارجية فنرجح أنه راجع إلى طغيان
الفرنسيين وجبروتهم وتنكيلهم بالشعب، بعد أن تعددت ثوراته ضدهم، فهاجر الشيخ
الإمام إلى مكة للحج، ثم سافر منها إلى معان، ثم الخليل فالقدس بفلسطين، ورحل إلى
الشام، فأقام بدمشق في المدرسة البدرية، ثم رحل إلى ألبانيا حيث استقر بمدينة
أشكور مدة، وأخيرًا عاد إلى القاهرة بعد جلاء الفرنسيين عنها، فلفت إليه الأنظار
لتنوع ثقافته وتعدد مواهبه، فقد كان متعمقًا في العلوم الدينية واللغوية، وكان
عالما فلكيًّا ورياضيًّا، وكان إلى هذا أديبًا وشاعرًا معدودًا في طليعة الأدباء والشعراء
في عصره، ولهذا عهد إليه بإنشاء جريدة الوقائع المصرية والإشراف على تحريرها،
فكانت فرصة لإظهار آثاره النثرية وروائعه الشعرية، وكانت الوقائع المصرية منبرًا
أعلن فوقه آراءه في الدعوة إلى التجديد في مناهج التربية والتعليم، وإلى مناداته
بإدخال العلوم الحديثة، والعلوم المهجورة بالأزهر إلى مناهجه.
فطالب بدراسة الفلسفة، والجغرافيا، والتاريخ، والأدب،
والعلوم الطبيعية، كما طالب بالرجوع إلى أمهات الكتب العلمية، وعدم الاقتصار على
المتون والحواشي المتأخرة، كما نادى بالإفادة من أئمة العلماء القدماء وعدم الاقتصار
على العلماء المتأخرين القائمين بالتقليد والمحاكاة.
هذه النصيحة الجادة المبكرة تلقفها بعد الشيخ الإمام
تلميذه النجيب الشيخ محمد عياد الطنطاوي، وتلميذه العلامة رفاعة الطهطاوي، وما زال
العلماء الأعلام يتلقفونها جيلا بعد جيل حتى آتت أكلها وأثمرت أينع الثمار في
العصر الحديث، والفضل للرعيل الأول من زعماء العلماء الأعلام.
وكان شعار الشيخ الإمام قوله: إن بلادنا لا بد أن
تتغير أحوالها ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها، ولم يكن شعارًا نظريًّا فحسب،
بل طبقه تطبيقًا علميًّا، فدرَّس وألَّف في فنون شتى لم تكن مطروقة في عهده، ثم
وجَّه تلاميذه إلى التجديد فيما يعالجونه من أبحاث ودراسات حتى ولو كانت تتناول
موضوعات قديمة، فقد نجح في إدخال الدراسات الأدبية بالأزهر على يدي تلميذه محمد
عياد الطنطاوي، وهو الذي أشار بإرسال تلميذه النجيب رفاعة الطهطاوي إلى فرنسا، وهو
الذي وجهه وأرشده إلى استيعاب ما يمكن استيعابه من آثار الحضارة الفرنسية، وأشار
عليه بتدوين كل ما يشاهده أو يعرفه أو يسمع عنه فكانت نتيجة التوجيهات أن ألَّف
الطهطاوي كتابه (تخليص الإبريز في تلخيص باريز).
وقد أحبَّ الشيخ تلميذه رفاعة الطهطاوي حبًّا كبيرًا؛
لما آنسه فيه من الذكاء والنجابة فقربه إليه وأحاطه برعايته، وكان رفاعة يتردد على
بيت شيخه يقرأ عليه بعض كتب العلوم الحديثة، وكان يتلو على شيخه ما نظمه من قصائد
شعرية، فيلقى منه التشجيع وحسن التوجيه.
وهكذا كان الشيخ يرعى تلاميذه النابهين، ولم يكن
يكتفي بالتوجيه والإرشاد، بل كان يعطي القدوة من نفسه، فاشتغل بالآداب شعرًا
ونثرًا، وصنَّف فيها كثيرًا من روائع الشعر وفصول النثر والمقامات، وألَّف في
المنطق والفلك والطب والطبيعة والكيمياء والهندسة، وقام بتدريس الجغرافيا والتاريخ
بالأزهر وخارج الأزهر، وكان يتناول الموضوعات القديمة بأسلوب جديد مشوق، فقد لاحظ
أن تفسير البيضاوي كاد يكون مهجورًا في الأزهر، فقام بقراءته والتعليق عليه بطريقة
مشوقة جذبت إلى حلقته كثيرًا من العلماء والطلبة، فكان إذا بدأ درسه ترك كبار العلماء
حلقاتهم وأقبلوا عليه مستزيدين من علمه الفيَّاض، ودفع تلميذه الأديب محمد عياد
الطنطاوي ليشرح مقامات الحريري بأسلوبه الأدبي البليغ، كما دفع تلميذه الطهطاوي
لتدريس الحديث والسُّنَّة بطريق المحاضرات دون التقيد بكتاب خاص أو نص معروف، فكان
ذلك مثار إعجاب العلماء.
أخلاقه:
كان الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- يتمتع
بشخصية قوية، وعزيمة ماضية، وأخلاق حميدة، وأدب جم، وتمسك بالحرية، نرى هذا في
نشأته حيث رفض الإقامة بالقاهرة حينما عصف بها الفرنسيون فهاجر إلى أسيوط، ثم بعد
ذلك هاجر إلى الشام، ثم إلى إسطنبول، ثم إلى ألبانيا، ولم يعد إلا بعد رحيل
الفرنسيين عن مصر، وكان الشيخ لبقًا في معاملاته مع الحكام. قال عنه أحمد تيمور
باشا: كان الشيخ العطار عالمًا جليلا ذائع الصيت في مصر وسائر الأقطار العربية
والشرقية، وأديبًا فريدًا، وشاعرًا مجيدًا، وكان مع ما اتصف به من حميد السجايا
طيب الخلال، متواضعًا كريمًا زاهدًا وجيهًا، أينما توجه وحيث أقام. وقد ظهرت آثاره
العلمية وشمائله الخلقية في تلاميذه الأعلام أتم ظهور.
مؤلفاته:
كان الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- واسع
المعرفة، عميق الثقافة، غزير الإنتاج، وسنذكر ما علمناه من مصنفاته:
- حاشية العطار على الجواهر المنتظمات في عقود
المقولات، الحاشية للعطار أما الجواهر المنتظمات فهي شرح لعقود المقولات العشر،
وكلاهما (أي: المتن والشرح) للشيخ أحمد السجاعي المتوفى سنة 1197هـ، وتوجد منه
نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (2409).
- حاشية العطار على التهذيب للخبيصي، وهو شرح على تهذيب
المنطق والكلام لسعد الدين التفتازاني المتوفى سنة 793هـ، في علم المنطق، وتوجد
منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (2867).
- حاشية العطار على شرح إيساغوجي في المنطق لأثير الدين
المفضل بن عمر الأبهري المتوفى سنة 632هـ، مطبوع.
- حاشية العطار على شرح العصام على الرسالة العضدية،
توجد منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (5984 هـ).
- حاشية العطار على كتاب نيل السعادات في علم المقولات،
لمؤلفه محمد بن محمد البليدي، المعروف بالشريف البليدي، المتوفى سنة 1176هـ.
- رسالة تتعلق بموضوع علم الكلام، توجد منها نسخة خطية
بدار الكتب المصرية رقم (3854ج).
- رسالة أخرى في علم الكلام، توجد منها نسخة خطية بدار
الكتب المصرية رقم (25816ب).
- حاشية العطار على شرح الشيخ خالد بن عبد الله الأزهري
لكتاب قواعد الإعراب لابن هشام، وقد طُبِعت هذه الحاشية.
- حاشية أخرى على شرح الشيخ خالد الأزهري على متن
الآجرومية، منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (4876هـ).
- شرح السمرقندية في علم البيان، ومنها نسخة خطية بدار
الكتب المصرية رقم (5255هـ).
- منظومة العطار في علم النحو، نظمها كما جاء في ختامها
سنة 1202هـ، أولها:
بحمدك يا مولاي أبدأ في أمري
ومنك أروم العون في كل ذي عسر
وأبياتها خمسون بيتًا، وقد طبعت مع مجموعة (أمهات
المتون) وشرحها تلميذه الشيخ حسن قويدر الخليلي المتوفى سنة 1262هـ.
- إنشاء العطار في المراسلات والمخاطبات وكتابة الصكوك
والشروط مما يحتاج إليه الخاص والعام.
- ديوان العطار، وقد أورد الجبرتي مختارات عديدة منه في
كتابيه (عجائب الآثار)، و(مظهر التقديس) كما أورد علي باشا مبارك طائفة مختارة منه.
- مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس، اقتبس منه الجبرتي
كتابه المعروف بهذا الاسم.
- رسالة في كيفية العمل بالأسطرلاب والربعين المقنطر
والمجيب والبسائط -وهي آلات رصد فلكية- ذكر هذه الرسالة علي باشا مبارك في ترجمته
للمؤلف في الخطط التوفيقية.
- رسائل في الرمل والزيراجة والطب والتشريح وغير ذلك.
- جمع وترتيب ديوان ابن سهل الأندلسي.
- شرح كتاب الكامل للمبرد، أشار إليه المؤلف في قصيدته
الطائية في وصفه لجمال الطبيعة بدمشق.
- ثلاث مقالات طبية في الكي والفصد والبط(6)، أشار
إليها المؤلف في وصف قصيدته الطائية في وصفه لجمال الطبيعة بدمشق، وهذه المصنفات
الثلاثة الأخيرة ذكرها المؤلف في قصيدتها الطائية حيث قال:
وعندي من التأليف شيء وضعته***على شرح قانون الحفيد أخي السبط
ثلاث مقالات كبار وضعتها** لتعريف حال الكي والفصد والبط
وجزء على كل شرح المبرد كامل** أُبيِّن فيه غامض النص بالقط
وألفت في علم الجراح نبذة ** لتعريف أكل الفول
بالقطع والحط
ولعل للشيخ الإمام آثارًا أخرى طواها النسيان، أو
تبددت مع ما تتبدد من الآثار.
ولايته للمشيخة:
وقد نال الشيخ حسن العطار -رحمه الله- شهرة ذائعة حتى
قبل ولايته لمشيخة الأزهر، ولما خلا منصب شيخ الأزهر سنة 1246هـ كان هو المرشح
البارز لهذا المنصب، فولاه محمد علي هذا المنصب الكبير لثقته التامة به، ولما
يتمتع به من علم غزير وأدب جم، وثقافة عميقة، وبلاغة مرموقة، فظل شيخًا للأزهر حتى
توفي.
وفاته:
توفي الإمام الشيخ حسن العطار -رحمه الله- سنة 1250هـ
في القاهرة، بعد أن ملأ العقول والأسماع بآثاره الأدبية والعلمية، وبعد أن ربَّى
طائفة مرموقة من كبار العلماء والباحثين.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثنى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 2/220.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 2/35 -40.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد
الحنفي الزياتي ص 138.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد
العظيم 1/211- 227.
- مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس للجبرتي ص250.
----------------------
(1) الغين بحساب الجُمَّل تعادل (1000)، والراء (200)،
والباء (2)، فيكون المجموع 1202هـ. وحساب الجُمَّل: طريقة لتسجيل صور الأرقام
والتواريخ باستخدام الحروف الأبجدية، حيث يعطى لكل حرف رقم مُعيَّن يدلُّ عليه،
فكانوا من تشكيلة هذه الحروف ومجموعها يصلون إلى ما تعنيه من تاريخ مقصود وبالعكس
كانوا يستخدمون الأرقام للوصول إلى النصوص.
(2) أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث، أحمد تيمور ص
2.
(3) في الأدب الحديث، عمر الدسوقي 1/46، 47.
(4) مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس ص 314.
(5) كنز الجوهر ص 139.
(6) وهي طرق علاجية.