إسهام صوفية المغرب في التعليم والتربية والعمل
الاجتماعي
إن تاريخ المغرب الإسلامي يدرك في مرحلتين كبيرتين
:: مرحلة ما قبل سبتة سنة 1415م تميزت على الصعيد الداخلي ببناء
الدولة المركزية ومؤسساتها. وتميزت على صعيد المشاكل الخارجية بثلاثة قرون من
الالتزام العسكري والسياسي بالأندلس. أما على صعيد السند الصوفي فقد تميزت
بالانتماء إلى مدرسة الجنيد من طرق عدة أهمها طريقة أبي الفضل الجوهري المصري، ثم
عن طريق سند متجدد في القرن التاسع الهجري، يعتبر الشيخان أحمد زروق وأبو عبد الله
الجزولي أهم حلقتين فيه.
:: أما المرحلة الثانية وهي ما بعد سقوط الأندلس، فقد تميزت بانحصار سياسي تحت ضغوط خارجية وهي من جهة أخرى تميزت باستنفار المغرب لقواه الوجدانية الباطنية الداخلية وانتشار ما سماه بعض الباحثين بمظاهر التدين الشعبي. وهذا التيار هو الذي أعاد الشرفاء بكيفية جماهيرية إلى الحكم.
لم يكن المد الصوفي حركة هستيرية جماعية ناتجة عن إحباط بعد التقلص، بل كان حركة إعادة استنباط القوى وتجديد التعبئة للتكيف مع الوضع الجديد، وذلك في انشغال إيجابي بتأطير المجتمع. هذا التأطير الذي نشط على الخصوص على الصعيد المحلي وتجلى في أدوار الصوفية في العهد العلوي وهي أدوار دينية وتعليمية واجتماعية واقتصادية وسياسية.
فمن الأدوار الدينية:
- نشر الإسلام كعقيدة بين شعوب وقبائل لم يصل إليها الفاتحون.
- بث تعاليم الإسلام في أقوام ظل إسلامهم لا يتعدى مظهر الانتماء.
- تنظيم مواسم دينية ذات نفع اجتماعي.
- تنظيم الجهاد في أوقات كانت فيها الأمة مهددة من الخارج.
- تنظيم السفر إلى الحج.
ومن الأدوار التعليمية العلمية الثقافية:
- القيام على تحفيظ القرآن الكريم.
- بناء المدارس العلمية والقيام بها.
- إنشاء خزائن الكتب.
- تشجيع التأليف.
- نشر الثقافة الشفوية بمجالس المذاكرة.
ومن الأدوار الاجتماعية:
- التضامن بتوفير الإيواء لعدد من أبناء السبيل وبإطعام الطعام ولاسيما في أوقات المجاعات.
- تأمين الطرق بالهيبة والرهبة.
- حماية الجماعات من العمال الظالمين.
- ضمان التوازن وتدبيره بين جماعات تحتاج إلى توازن القوى فيما بينها.
- الإشراف على أوفاق التساكن وعقوده بين جماعات متجاورة تنطوي وضعيتها على احتمالات عدوانية.
- كسر الحواجز القبلية وتليينها.
- تأطير الاندماج الاجتماعي للمهمشين والغرباء.
- تيسير التواصل الإخباري.
ومن الأدوار الاقتصادية:
- إحياء مجالات من الأرض الموات بالفلاحة.
- غرس الأشجار.
- استنباط مياه العيون.
- تأطير الحرفين في المدن.
- الإشراف على أمن الأسواق.
- الربط بين مناطق متكاملة في التبادل التجاري.
ومن الأدوار السياسية:
- ضمان الولاء للإمامة.
- التوسط في الخير بين الحاكمين والمحكومين.
أما دورهم الإشعاعي فهو إسهام المغاربة إسهاما وافرا في الفلسفة القرآنية المسماة بالتصوف وإشعاع آثار أعلامها المغاربة على المشرق وإفريقيا وآسيا وأوربا وأمريكا في هذا العصر.
تبين هذه الأدوار أن المنحى السلوكي المعروف بالتصوف، قد غلب عليه في المغرب، الانشغال الاجتماعي والعمراني. ومن المؤسف أن دراسة التراث الصوفي في العالم، حتى اليوم، يغلب عليه الجانب الفلسفي والحاجة ماسة إلى الالتفات لوظيفة التصوف الخلقية. فقد قالوا:"من فاتك في الخلق فقد فاتك في التصوف" هذا الخلق الذي تحتاج إليه الإدارة وتحتاج إليه السياسة والتجارة. وقالوا أيضا "الصوفي ابن وقته" وهذان بعدان للشخصية التي يحتاج إليه الإسلام اليوم في جميع الميادين. وما أجدرنا أن ندخل في برامج مدارسنا هذا التوجه، فلا نقتصر على دراسة مأساة الحلاج وقلق الغزالي وفتوح ابن عربي والشعر الجميل للرومي، بل ندرس إلى جانب هذا كله مشارب عدة، كمشرب أبي العباس السبتي دفين مراكش وهو الذي أدار مذهبه على التضامن، يأخذ من هذا ليعطي لذاك، وقد أثار سلوكه إعجاب الفيلسوف ابن رشد، فأرسل إليه من يتحرى أحواله من الأندلس. فلما رجع المتحري إليه بتقرير قال ابن رشد: "هذا رجل يعتقد أن الوجود ينفعل بالجود، وهذا مذهب القدماء". يقصد فلاسفة اليونان قبل سقراط. وليس معنى هذا الاقتصار على الأدوار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وليس معناه أن متصوفة المغرب كانوا قصيري الباع في المعرفة، بل إن العكس هو الصحيح. يشهد بذلك عطاؤهم بواسطة عدد من الأعلام الذين طبقت شهرتهم الآفاق. وفي هذا الصدد يذكر ابن الزيات التادلي أن رجلا من هؤلاء المتحققين قال: "غلبت في ابتداء أمري، أي غلبه شهود انفراد الواحد بالأحدية" قال:" فإن تكلمت هلكت وإن سكتت هلكت. فذهبت إلى بلاد العجم فأتكلم بتلك الأشياء فلا يفهمونها لعجميتهم، فلما سكن ذلك عني عدت إلى الناس". هذا مثال بسيط ولكنه يفيد أن مأساة أبي الحسين الحلاج كانت في الحقيقة قضية انزياح لغوي قبل كل شيء.
:: أما المرحلة الثانية وهي ما بعد سقوط الأندلس، فقد تميزت بانحصار سياسي تحت ضغوط خارجية وهي من جهة أخرى تميزت باستنفار المغرب لقواه الوجدانية الباطنية الداخلية وانتشار ما سماه بعض الباحثين بمظاهر التدين الشعبي. وهذا التيار هو الذي أعاد الشرفاء بكيفية جماهيرية إلى الحكم.
لم يكن المد الصوفي حركة هستيرية جماعية ناتجة عن إحباط بعد التقلص، بل كان حركة إعادة استنباط القوى وتجديد التعبئة للتكيف مع الوضع الجديد، وذلك في انشغال إيجابي بتأطير المجتمع. هذا التأطير الذي نشط على الخصوص على الصعيد المحلي وتجلى في أدوار الصوفية في العهد العلوي وهي أدوار دينية وتعليمية واجتماعية واقتصادية وسياسية.
فمن الأدوار الدينية:
- نشر الإسلام كعقيدة بين شعوب وقبائل لم يصل إليها الفاتحون.
- بث تعاليم الإسلام في أقوام ظل إسلامهم لا يتعدى مظهر الانتماء.
- تنظيم مواسم دينية ذات نفع اجتماعي.
- تنظيم الجهاد في أوقات كانت فيها الأمة مهددة من الخارج.
- تنظيم السفر إلى الحج.
ومن الأدوار التعليمية العلمية الثقافية:
- القيام على تحفيظ القرآن الكريم.
- بناء المدارس العلمية والقيام بها.
- إنشاء خزائن الكتب.
- تشجيع التأليف.
- نشر الثقافة الشفوية بمجالس المذاكرة.
ومن الأدوار الاجتماعية:
- التضامن بتوفير الإيواء لعدد من أبناء السبيل وبإطعام الطعام ولاسيما في أوقات المجاعات.
- تأمين الطرق بالهيبة والرهبة.
- حماية الجماعات من العمال الظالمين.
- ضمان التوازن وتدبيره بين جماعات تحتاج إلى توازن القوى فيما بينها.
- الإشراف على أوفاق التساكن وعقوده بين جماعات متجاورة تنطوي وضعيتها على احتمالات عدوانية.
- كسر الحواجز القبلية وتليينها.
- تأطير الاندماج الاجتماعي للمهمشين والغرباء.
- تيسير التواصل الإخباري.
ومن الأدوار الاقتصادية:
- إحياء مجالات من الأرض الموات بالفلاحة.
- غرس الأشجار.
- استنباط مياه العيون.
- تأطير الحرفين في المدن.
- الإشراف على أمن الأسواق.
- الربط بين مناطق متكاملة في التبادل التجاري.
ومن الأدوار السياسية:
- ضمان الولاء للإمامة.
- التوسط في الخير بين الحاكمين والمحكومين.
أما دورهم الإشعاعي فهو إسهام المغاربة إسهاما وافرا في الفلسفة القرآنية المسماة بالتصوف وإشعاع آثار أعلامها المغاربة على المشرق وإفريقيا وآسيا وأوربا وأمريكا في هذا العصر.
تبين هذه الأدوار أن المنحى السلوكي المعروف بالتصوف، قد غلب عليه في المغرب، الانشغال الاجتماعي والعمراني. ومن المؤسف أن دراسة التراث الصوفي في العالم، حتى اليوم، يغلب عليه الجانب الفلسفي والحاجة ماسة إلى الالتفات لوظيفة التصوف الخلقية. فقد قالوا:"من فاتك في الخلق فقد فاتك في التصوف" هذا الخلق الذي تحتاج إليه الإدارة وتحتاج إليه السياسة والتجارة. وقالوا أيضا "الصوفي ابن وقته" وهذان بعدان للشخصية التي يحتاج إليه الإسلام اليوم في جميع الميادين. وما أجدرنا أن ندخل في برامج مدارسنا هذا التوجه، فلا نقتصر على دراسة مأساة الحلاج وقلق الغزالي وفتوح ابن عربي والشعر الجميل للرومي، بل ندرس إلى جانب هذا كله مشارب عدة، كمشرب أبي العباس السبتي دفين مراكش وهو الذي أدار مذهبه على التضامن، يأخذ من هذا ليعطي لذاك، وقد أثار سلوكه إعجاب الفيلسوف ابن رشد، فأرسل إليه من يتحرى أحواله من الأندلس. فلما رجع المتحري إليه بتقرير قال ابن رشد: "هذا رجل يعتقد أن الوجود ينفعل بالجود، وهذا مذهب القدماء". يقصد فلاسفة اليونان قبل سقراط. وليس معنى هذا الاقتصار على الأدوار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وليس معناه أن متصوفة المغرب كانوا قصيري الباع في المعرفة، بل إن العكس هو الصحيح. يشهد بذلك عطاؤهم بواسطة عدد من الأعلام الذين طبقت شهرتهم الآفاق. وفي هذا الصدد يذكر ابن الزيات التادلي أن رجلا من هؤلاء المتحققين قال: "غلبت في ابتداء أمري، أي غلبه شهود انفراد الواحد بالأحدية" قال:" فإن تكلمت هلكت وإن سكتت هلكت. فذهبت إلى بلاد العجم فأتكلم بتلك الأشياء فلا يفهمونها لعجميتهم، فلما سكن ذلك عني عدت إلى الناس". هذا مثال بسيط ولكنه يفيد أن مأساة أبي الحسين الحلاج كانت في الحقيقة قضية انزياح لغوي قبل كل شيء.
موقع وزارة الأوقاف
والشؤون الإسلامية